إغضب وإنتفض أو عيش كالأوغاد

أنت تحيا في وطن من أعجب الأوطان، إبن رئيسك يمتلك طائرة خاصة يصطحب فيها زوجته كل ليلة ويذهب لمدينة من المدن الأوربية لكي يتناول طعام العشاء، بينما اكثر من ربع سكان وطنه ينامون بدون عشاء، أنت تحيا في وطن من أغرب الأوطان، رئيسك يجلس داخل المؤتمرات ناعساً من وهن شيخوخته أمام كل كاميرات التصوير بينما شباب وطنه مستيقظون دون أن يستفيد منهم الوطن، أنت تحيا في وطن من أفسد الأوطان، رئيسك يوزع ملايين الأمتار من أراضي الوطن على كل وغد متزلف ومتسلق ومنافق ومداهن بينما يسكن أكثر من ثلث سكان الوطن في المقابر والخيام وعشش الصفيح والعشوائيات، أنت تحيا في وطن من أبأس الأوطان، رئيسك يتحالف مع أعداء وطنك علانية بينما كل سكان الوطن مستسلمين ومستكينين حد الموات، أنت تحيا في وطن من أغنى الأوطان، رئيسك باع الغاز لأعداء الوطن بأبخس الأسعار وبربع سعره العالمي بينما يبيع الغاز لسكان الوطن بتسعة أضعاف سعره العالمي، أنت تحيا في وطن من أفظع الأوطان، رئيسك يحرسه مليون وربع مليون شرطي بينما تنتشر في ربوع الوطن جرائم السرقة بالإكراه والإغتصاب والرشوة والإختلاس وسرقة أموال المودعين في البنوك على يد حيتان الإستيلاء على القروض أمثال رامي لكح وغيره، أنت تحيا في وطن من أظلم الأوطان، من يسرق مليار جنية يفلت من العقاب ويعطي مهلة عشرة أعوام لإعادة النقود دون فوائد بينما من يسرق كسره خبز أو يتعثر في سداد مائة جنية يحبس ثلاثة أعوام ويجبر على رد ما أخذه بالفوائد، أنت تحيا في وطن من أجهل الأوطان، رئيسك يحيط نفسه بجحافل وجيوش من الكتاب والصحفيين وأدعياء الثقافة المستعدين دائماً وأبداً لشهر أقلامهم والتلويح بها في وجوه المواطنين دفاعاً عن سيدهم وولي نعمتهم بينما المثقفون الحقيقين معظمهم مأجورون يلومون المواطنين على سلبيتهم وخنوعهم بدلاً من توعية وشحذ همم المواطنين ودفعهم للوقوف في وجه الطاغية والطغيان، أنت تحيا في وطن من أحمق الأوطان، أحد رجال رئيسك يقتل أكثر من ألف مواطن غرقاً بينما المواطنين يذهبون خلف رئيسهم لتشجيع المنتخب المصري في أحد مباريات كرة القدم دون أدنى إعتبار لمشاعر أهل وأقارب الضحايا الأبرياء، أنت تحيا في وطن من أشنع الأوطان، المواطن العادي لا يستطيع دخول قسم شرطة ولو دخل لا يستطيع الإبلاغ عن جريمة إلا إذا كانت معه واسطة أو كان معه نقود تكفي لرشوة رجال الشرطة لتحرير البلاغ ولو حرر البلاغ فلابد أن تكون معه واسطة للقبض على الجناة أو يكون معه مال لدفع رشوة لرجال الشرطة كي يقبضون على الجناة ومن قرأ تاريخ المماليك في مصر سيجد تشابه كبير وتطابق عجيب بين ما كان يحدث في الأزمنة الغابرة الفاسدة وبين ما يحدث في وقتنا الحاضر، أنت تحيا في البلد الوحيد الذي تسيطر فيه الشرطة على كل شئ وفي نفس الوقت تسيطر على لا شئ، لكي تعين مدرس يجب أن يكتب عنك تقرير شرطة، لكي تعين واعظ يجب أن يكتب عنك تقرير شرطة، لكي تعين في الخارجية يجب أن يكتب عنك تقرير شرطة وأن تكون معك واسطة، لكي تعين في النيابة يجب أن يكتب عنك تقرير شرطة ويكون أبوك ظابط أو قاضي أو تدفع رشوة مائة ألف جنية لأحد كبار الضباط أو القضاة، لكي تدخل كلية الشرطة يجب أن يكتب عنك تقرير شرطة وأن يكون أبوك ضابط أو قائد طابية أو تدفع رشوة مقدارها مائة ألف جنية، لكي تعين في السنترال يجب أن يكتب عنك تقرير شرطة وأن تكون إبن أحد كبار الموظفين في الشركة المصرية للإتصالات أو تدفع رشوة لا تقل عن تلاتين ألف جنية لأحد كبار الموظفين، ومع كل هذه التقارير ومع كل هذه السيطرة، نصحو يوماً فنقرأ في الجرائد عن هروب رجل أعمال بعد أن نجح أولا في الحصول على ملايين أو مليارات الجنيهات قرض من البنوك المصرية ويعتبرها مجرد قرض حسن غير قابل للرجوع ويسرب المال تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية والرقابية ثم يتسرب هو أيضاً تحت سمع وبصر وحماية الأجهزة الأمنية والرقابية، نصحو يوماً آخر ونفاجأ بوزير سابق يسقط عنه الرضا الرئاسي لسبب نجهله ويتم القبض عليه بتهمة الرشوة والتربح الوظيفي ونكتشف أن سجله الأمني منذ عشرات السنين يمتلأ بجرائم متتالية ومتسلسلة ومتعاقبة خلال أعوام عديدة دون أن يمس أو تحرر ضده مخالفة واحدة لأنه كان أيامها تحت مظلة الرضا الرئاسي، أنت تحيا في وطن من أظلم وأفسد الأوطان، 1% من المصريين يمتلكون 99% من ثروة مصر بينما 99% من سكان مصر يمتلكون 1% من ثروة مصر، الظلم في بلدك هو الأصل والعدل غائب ومقموع بقرار رئاسي، الفقر في بلدك هو الأصل وثروة بلدك تسرق جهاراً نهاراً عياناً بياناً على عينك وودانك يا تاجر، أمامك طريقان لا ثالث لهما لكي تحيا في وطنك بكرامة، إما أن تحيا كالأوغاد وتداهن وتتزلف وتنبطح وتقعي وتجعل خدك مداس ينداس حتى تنال الحظوة وتجد ما قد يسد رمقك ويحفظك من الجوع، أو أن تغضب وتنتفض وتدعو غيرك للغضب والإنتفاض والتظاهر ضد هذا النظام الفاسد الذي أذل عنقك وعنق كل المواطنين ووضع في عنقك وأعناقهم أغلال وسلاسل وقيود من الفقر والخوف والعبودية للرئيس، اللهم قد بلغت اللهم فإشهد

حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك تعليقان (2):

  1. ربنا يعزك وينصرك ويسترك ويكرمك ويحسن خاتمتك
    مواضعيك مميزة وكلماتك شجاعة وتعبيراتك كلها عزة وإباء ألتمس معذرتك لدخولي بإسم مجهول

    ردحذف
  2. ألف شكر يا أخي الكريم على دعائك لي بظهر الغيب وتقبل تحيتي ومودتي

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...