خلاص مابقتش فارقه ساويرس من سوارس

أفزعني وأذهلني النبأ الذي قرأته أول أمس في جريدة المصريون، جاء في الخبر ان نيابة أمن الدولة العليا، بدأت يوم الإثنين الموافق 27 سبتمبر 2009K، تحقيقاتها في الإتهامات الموجهة إلى الملياردير نجيب ساويرس، بازدراء الإسلام والطعن في الشريعة الإسلامية، والمطالبة بإبطالها من دستور البلاد، إضافة إلى هجومه على شعائر الإسلام مثل حجاب المرأة المسلمة، إستمعت نيابة أمن الدولة العليا لأقوال المحامي نزار محمود غراب، في بلاغه المقدم ضد ساويرس، بشأن هجوم الأخير على المادة الثانية من الدستور، التي تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وقال المحامي نزار محمود غراب في بلاغه الذي حمل رقم 15837، والذي تقدم به للنائب العام في أواخر أغسطس الماضي، إن ساويرس غفل عن أن شريعة الإسلام هي الشريعة التي اعترفت بالأديان وشرعت لها حقوق، واتهمه بالإساءة للإسلام وشريعته، وتحريض الأقباط.

 

خلاص مابقتش فارقه

 

........................

لو كان هجوم ساويرس على الحجاب هو سبب هذا البلاغ، فالأولى أن نحاكم المتطرفين العالمانيين المنتسبين للإسلام، والذين يسخرون ويهاجمون الحجاب، وهم عدد لا يستهان به، وعلى رأسهم فاروق حسني وحسين فهمي، أتمنى أن لا يفهم من قولي هذا، اني من مؤيدي جرجرة كل صاحب رأي للمحاكم، لكن هذا مجرد نقد للمحامي الذي تقدم بالبلاغ ضد ساويرس القبطي، لهجومه على الحجاب، وتجاهل جرجرة العالمانيين المسلمين الذين إرتكبوا إثم أشد، نظراً لكونهم منتسبين للإسلام، بينما ساويرس القبطي ليس عليه حرج من عدم الإقتناع بالحجاب، وأتعشم أن لا يفهم من كلامي هذا اني أدافع عن ساويرس، الذي يرتكب جرائم حقيقية تستحق العقاب وستعرفونها في نهاية هذا المقال.

أما سبب فزعي الذي ذكرته في البداية، فهو لأني صرت أخشى بأننا قد عدنا بالفعل، لعهود محاكم التفتيش والتقفيش في الضمائر والأفكار، وأما سبب ذهولي، فهو لهذا الدفاع المستميت عن نص مهمل تماًماً، فلا المسلمين ولا الإسلام إستفادوا شيئاً من المادة الثانية من الدستور، والتي تعتبر مادة مجمدة فعلياً، وعلى أرض الواقع لا يتم العمل بها، والسبب الوحيد لوضع هذه المادة هو لإستخدامها كغطاء للدفاع عن الحاكم المستبد.

اللهم إلا إذا إعتبرنا أن تتبيت وتقريط وتأبيد الرئيس مبارك على كرسي الرئاسة، هو من أهم أسس الإسلام، الذي يعتبر أن منصب الحاكم مقدس، ولا يجوز خلعه، او حتى إعتبارة ناشزاً أو تطليقه بالتلاتة، واللهم إلا إذا إعتبرنا إن الشريعة الإسلامية مبنية على رفض التنازل عن المنصب، وعدم خلع قميص قمصه الله للحاكم، حتى لو أجمعت الامه على خلعه، وقد فعل هذا عثمان وقلده كل من جاء بعده.

واللهم إلا إذا إعتبرنا انه عندما تقبض الشرطة، على مواطن مفطر في رمضان، فهذا هو الإسلام، برغم أن الشرطة ذات نفسها تخالف الشريعة في كل شئ، بداية من بثها الرعب في قلوب المواطنين، ومروراً بالتعذيب وهتك الأعراض، وإنتهاك الحرمات والإعتقال والقبض على الأبرياء، لإجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم، وإنتهاءً بحماية اللصوص والنصابين وسارقي ثروات الوطن.

لماذا هذه الغضبة المزيفة التي ليس لها أي محل من الإعراب، حيث أن كل ما يحدث في بر مصر يتعارض مع الشريعة الإسلامية، اللهم إلا إذا إعتبرنا إن الإعداد لتوريث نجل الرئيس من أهم مميزات النظام الإسلامي، الذي انشئه معاوية عندما اخذ البيعة في حياته لإبنه الناقص، واللهم إلا إذا إعتبرنا إن الشريعة الإسلامية هي شفط ثروات مصر، وإختطاف الوطن كله، في جيب عدد محدود من رجال الأعمال المتعاونين مع النظام ضد شعب مصر، مثل ساويرس ذات نفسه وأحمد عز ومحمد ابو العينين وغيرهم من المنتفعين.

واللهم إلا إذا إعتبرنا إن تخريب الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية في مصر، يتم بناء على تعاليم الشريعة الإسلامية، واللهم إلا إذا إعتبرنا إن الشريعة الإسلامية تحض على تقفيش صدور الصحفيات والمتظاهرات، وهتك أعراضهن من قبل أشاوس الشرطة المصرية عياناً بياناً، واللهم إلا إذا إعتبرنا إن من أهم تعاليم الإسلام، هو أن يقوم جلاوزة الداخلية المصرية بسحل المتظاهرين المطالبين بالتعددية السياسية، وبعدم تأبيد مبارك في كرسي الحكم، والمطالبين بمنع التوريث، وبإنتخابات حرة غير مزورة.

أغلب المصريين مقتنعين بأن ساويرس يتشح بـ"ليبرالية خادعة" في الظاهر، بينما هو في الحقيقة يبطن مشاعر رجل دين مسيحي متطرف، لكن هذا الظن خطأ تماماً جملة وتفصيلاً، لأن ساويرس الذي يتعمد بث مشاهد إباحية على قناته الفضائية، والتي عرض فيها العديد من الأفلام المصنفة عمرياً للكبار فقط، والتي حوت مشاهد جنسية صريحة، ويزعم أنه يفعل هذا لمقاومة المد الديني، وهذه التصرفات ليست معادية للإسلام وحسب، بل هي أيضا معادية لتعاليم الكنيسة الأرثوزكسية المصرية، التي تحرم الزنا والإنحلال الجنسي، وتحرم الدعارة والقمار والخمر، والتي تتشابه معظم تعاليمها الأخلاقية مع الشريعة الإسلامية، وبالتالي فالصحيح هو إن ساويرس ربما يكون من غلاة ومتعصبي العالمانيين الملحدين، المعادين لكل الأديان، وخاصة الإسلام والمسيحية الشرقية، أو ربما يكون ساويرس من اتباع ديانة ثالثة، ولهذا يعمل على هدم الأخلاق في المجتمع، وهو متدثر برداء الدفاع عن الأقباط، لكي ينال دعم وتأييد الغرب، ولن يفرق الامر كثيراً سواء كان هذا او ذاك، وعلى رأي المثل "خلاص مابقتش فارقه سينا من سونيا، ولا بقتش فارقه ساويرس من سوارس"

بنيت الإتهامات الموجهة ضد ساويرس، على خلفية تصريحات أعلنها نجيب ساويرس، عبر برنامج "في الصميم" على قناة "BBC" الفضائية، هاجم ساويرس الحجاب، وطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور، التي قال بأنها تمثل مزجاً بين الدين والسياسة، مما يؤدي إلى نسيان المسيحيين في مصر، وقد صرح ساويرس قائلاً "الأقباط يتعرضون للتمييز، حتى أنه لم يكن بين الضباط الأحرار مسيحي واحد".

ليس معنى أن يتدثر ساويرس برداء الدفاع عن الاقباط، هو أن نجرجره للمحاكم، لأن الرأي يجب مقارعته بالرأي، أو على الأقل بأن نعالج مظاهر الخلل في مصر، ونمنع التمييز فعليا ضد الأقباط، وحينها لن تصبح لأقوال ساويرس أي قيمة.

أنا هنا لا أدافع عن ساويرس، الذي أعتبره شخصية منفرة على المستوى الفكري كعلماني متعصب، وعلى المستوى الإقتصادي كإنتهازي، يتحالف مع نظام مبارك ضد الشعب المصري بأكمله، بالإضافة لأن ساويرس يستثمر أمواله في إسرائيل، التي تعاديها الكنيسة المصرية، وتحرم زيارتها والتطبيع معها، وعلى المستوى الإنساني قام ساويرس بإرتكاب جريمة أخرى، تضاف لسجله الغير مشرف، ألا وهي جريمة التنصت على المواطنين المصريي،ن في سيارات التاكسي التابعة لاحد شركاته، وتقوم قناة ساويرس ببث برنامج إسمه "تاكسي مصر"، وهذا البرنامج هو جريمة تصنت على الشعب المصري.

تعتمد فكرة البرنامج على شركة تاكسيات تابعة لساويرس، وتعمل في مدينة القاهرة، وقد تم تجهيز تاكسيات الشركة بأحدث المعدات التكنولوجية، من أجهزة التنصت والتجسس، وعلى سبيل المثال يوجد بكل سيارة تاكسي كاميرات عديدة، مخبأة في كافة الزوايا، لرصد الزبائن وتصويرهم خفية دون علمهم، وأيضاً تمت زراعة العديد من الميكرفونات الحساسة، لتسجيل كل ما يتلفظ به زبائن وركاب هذه التاكسيات من الشعب المصري، وبديهي ان من يستقلون هذه التاكسيات التي تبدوا عادية في مظهرها، يتصرفون بتلقائية وبحسن نية، دون أدنى علم بالمكيدة المدبرة لهم في تاكسي "شركة ساويرس"، واثناء مشوار التاكسي يحدث حوار بين الزبون، وبين السائق المدرب تدريب عالي على إدارة الحوارات التلقائية والإستدراج.

وخلال حوار السائق مع زبائن التاكسي رجالاً ونساءً، تدور مناقشات في احوال البلد السياسية والاقتصادية، ويتحدث الزبون بكل صراحة، عن رأيه في الرياضة والدين والجنس والسينما والمسلسلات والاغاني، ويتطرق الحديث بحسب حرفية السائق لإستدراج الراكب، للبوح برأيه في الرئيس والوزراء والشرطة والقضاء، وطبيعي ان يفتح الراكب على الرابع، ويهاجم ويذم ويسب، ويقول رأيه في مبارك وإبنه وعصابته بمنتهى الصراحة، وهو لا يعلم بما يحدث من تسجيل بالصوت والصورة لكل ما يقوله، ويتم بث كل هذا الحوار صوت وصورة، ومسجل عليها تاريخ إجراء الحوار في برنامج "تاكسي مصر"، على قناة ساويرس الفضائية.

ألم يكن من الأولى والأجدر بالمحامي نزار محمود غراب، أن يتقدم ببلاغ عن هذه الجريمة المكتملة الاركان، والتي يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامة، أعتقد أن جرجرة ساويرس في القضاء، لعقابه على آرائه الشاذة المتطرفة المعادية للإسلام، هو خطأ لا يغتفر لسببين أساسيين، السبب الاول هو أن الرأي والفكر لا يجوز ان يكونا أبداً سبباً لمحاكمة أي إنسان، مهما بلغ هذا الفكر من التطرف والشذوذ والشطط، لأن المجال الوحيد للتصدي للأراء والافكار، هو مقارعة الفكر بالفكر، والرأي بالرأي والحجة بالحجة.

أما السبب الثاني فهو إن محاكمة ساويرس، ستجعل الكثيرين يتعاطفون معه، برغم معارضتهم لافكاره، وستجلب له مزيد من الشعبية المزيفة، كمدافع عن حقوق الأقباط، بينما هو في واقع الأمر مجرد رجل أعمال إنتهازي، يتعاون مع نظام حكم يأكل حقوق كل المواطنين في مصر، سواء اقباط أو مسلمين، وبرغم كل عيوب وجرائم ونقائض ساويرس، إلا إننا لا يجب أبداً أن نوافق على محاكمته بسبب رأيه، إلا إذا قررنا أن نضع الأسس اللازمة لبناء محكمة جديدة نطلق عليها إسم "محكمة التفتيش والتقفيش المصرية".

أرجوكم لا تحاكموا ساويرس بتهمة إبداء آراء معادية للجماهير، وبتهمة الإساءة للإسلام، فالإسلام أكبر من أن يساء إليه، وأرجوكم أن تحاكموا ساويرس على جريمة تنصته على الشعب المصري، وحاكموا ساويرس على بث مواد غير أخلاقية على قناته، وحاكموا ساويرس على إستثمار أمواله في شركة إتصالات إسرائيلية، وحاكموا ساويرس على سرقة أموال المواطنين في شركة المحمول التي يمتلكها، والتي تنصب علناً على المواطن المصري، وتبيع له فعلياً المكالات الهاتفية والرسائل بأضعاف السعر المعلن، وحاكوا ساويرس بتهمة الإنتماء لتشكيل عصابي رهيب إسمه لجنة السياسات.
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 3 تعليقات:

  1. ساويرس شخصية مستفزة جدا ودايما يهاجم الدين الاسلامي انا عن نفسي مقاطع صحيفته وقناته وشركة موبنيل اهو الي قدرت عليه عملته وياريت كل مصر تقاطع الراجل ده

    ردحذف
  2. انا مقاطع قناه او تي في و قناه اون تفي و موبينيل و قد نشرت في جريد المعارضه انه متهرب من 14 مليار جنيه ضرايب. يعني بيإكل من خير مصر و هو معيين لغيرها و تهربيه بعض المطلوبين من النصاري خارج مصر

    ردحذف
  3. عم مرعي بتاع الكلماالجمعة, أكتوبر 02, 2009 9:50:00 ص

    مقال رائع يا حسام يابني وساويرس فعلا تجاوز حدوده لما هاجم الحجاب لكن رأيك في اننا لا نحاكمة على افكاره ونحاكمة على جرايمة فعلا رأي جامد وتستحق اني أقول لك يسلم دماغك وكيبوردك

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...