التكرار يعلم الحمار - بقلم حسام السعيد عامر

أعترف بخطأ فادح إرتكبته عندما تغاضيت في الأيام الماضية، عن كثير من التجاوزات والممارسات القمعية، التي إرتكبتها الشرطة العسكرية، تحت سمع وبصر المجلس العسكري عدة مرات، بداية من الفض البربري لفعاليات المعتصمين حول مجلس الوزراء، ثم تبعه ما حدث في ميدان التحرير فجر يوم السبت 26 فبراير 2011م، ومرورا بإقتحام ميدان التحرير يوم الاربعاء 9 مارس 2011م، ثم إعتقال وتعذيب أعداد كبيرة من شباب الثورة المعتصمين في الميدان، للمطالبة بتحقيق باقي أهداف الثورة.
 
 ثم أخيرا ما حدث أول أمس الأربعاء 23 مارس 2011م، حيث قامت قوة كبيرة من الشرطة العسكرية، بإقتحام كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وسحلت وإعتقلت لعدة ساعات الدكتور محمود خليل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، وقامت الشرطة العسكرية باستخدام القوة المفرطة، وبإستخدام العصي الكهربائية بفض إعتصام الطلبة، وأغلبيتهم فتيات، بالإضافة لأساتذة كلية الإعلام المتضامنين معهم، للمطالبة بعزل عميد الكلية سامي عبد العزيز، عضو لجنة السياسات، وأحد أشهر رموز قادة حملة الترويج لترشيح جمال مبارك.
وكان سامي عبد العزيز قد اتخذ موقفا مهاجما للثورة، وسخر من التضحيات التي بذلها شباب الثورة في سبيل تغيير مصر، ودافع بإستماتة عن الإعلام الرسمي، الذي ضلل الناس طوال أيام الثورة، ولازال يمارس التضليل حتى اليوم، وهذا ما دفع الطلبة والأساتذة الغيورين على مستقبل مصر، ومستقبل الإعلام النزية، بالمطالبة بعزل الرجل الذي كان بوقاً لمبارك ونظامه.

لم يكن هذا التغاضي، وتجاهل فضح ونقد ممارسات الشرطة العسكرية عن عمالة أو بلاهة مني، بل كان التغاضي على مضض لسببان.

أولهما لكي اقطع الطريق، على من يريدون للشعب الصدام مع الجيش، فتنهار البلد في فوضى كما يخطط ويأمل فلول وأذناب مبارك.
وثانيهما أن أطلق الحبل لكي اتيح الفرصة كاملة للمجلس العسكري للعمل، حتى أستطيع تقييم ممارساته المتذبذبة بموضوعية، ولكي أتيقن من حقيقة موقفه من ثورة شعب مصر، وكان أملي أن يقف المجلس العسكري في صف الشعب، لكنه بكل أسف خنق نفسه بالحبل، وخسر شعبيته بتكرار الأخطاء، برغم أن المثل الشعبي يقول "التكرار يعلم الحمار" لكن فيما يبدو ان الحمير البشريين أشد غباءً من الحمير الأصليين.

إياك أن تقول "التكرار يعلم الشطار" لأن الشطار دائماً أذكياء، ويتعلمون من أخطاء الأخرين، وليسوا بحاجة لإعادة إبتكار العجلة، وإعادة إرتكاب الأخطاء التي سبق وإرتكبها الأخرون.
لا تقل لي ان الشعب المصري جاهل أو جبان، فهذه فرية وتهمة أسقطتها ثورة الغضب.
لا تقل لي أن المصريين عاطفيين، ويفتقدون للعقلانية، فهذه فرية وتهمة أسقطتها نعم العاطفية الدينية للتعديلات الدستورية، والتي عرف الشعب انها كانت أكبر مقلب حرامية عاتشفي، أخذه في حياته على خوانة من الإخوان والسلفيين.
لا تقل لي إن الشعب المصري سيحترم جيشا يضرب شباب زي الورد، وينتهك عرض الفتيات في السجن الحربي، بعد ان اعتقلهن يوم 9 مارس بحجة الكشف عن عذريتهن.
لا تقل لي أن الشعب المصري سيحترم جيشا قام أفراده جهاراً نهاراً، عياناً بياناً يوم 23 مارس، بسحل دكتور جامعة محترم كالدكتور محمود خليل، وإهانته أمام الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، لمجرد دعمه لمطالب الطلبة المشروعة، بعزل عدو الثورة وحبيب مبارك عميد كلية الاعلام سامي عبد العزيز.
التكرار  يعلم الحمار - التكرار يعلم الشطار
الشعب المصري بالفطرة ذكي ولماح، ويفهمها وهي طايرة، و يستحيل أن ينخدع بتلبيس، وإضلال من يصورون له أن المطالبة بعزل رجال مبارك هي مطالب فئوية.
الشعب المصري الذي يظن بعضهم أنه يسهل خداعه بالبدل والكرافتات، والاضواء والألقاب، هذا الشعب يعلم أن المطالب الفئوية هي تلك المطالب التي تعود بالنفع على أشخاص بعينهم، ويعلم أن المطالب الفئوية هي أن يطلب المتظاهرين علاوة، أو يطلبوا التعيين بعقد عمل ثابت، أو يطلبوا ساعات عمل أقل أو أجازات أكتر.
الشعب المصري واعي وذكي ولماح، وحضارته تتجاوز قرابة السبعين ألف سنة، والدليل أهرامات قوم عاد.
الشعب المصري لن تنطلي عليه حيل خلط الأوراق، والتدليس والتضليل، الشعب المصري فاهم إن الوطنيين الأحرار الذين هزموا جحافل شرطة مبارك يوم 28 فبراير 2011م، والذين قاموا بأنفسهم بحل أمن الدولة شعبيا أيام 5 و 6 و 7 مارس 2011م، هم نفس الوطنيين الأحرار الذين يريدون إستكمال تحقيق أهداف ثورة الغضب، ويسعون لتطهير مصر، ويتظاهرون لعزل دلاديل مبارك المسيطرين على مبنى الإذاعة والتلفزيون، وعلى صحيفة الأهرام، وعلى الجامعات والمحليات والمحافظات.
الشعب المصري فاهم إن الوطنيين الأحرار يريدون تطهير مصر من أقذر وأنجس عصابة إرهابية إجرامية عرفتها البشرية، ألا وهي عصابة الحزب الوطني ومن والاهم من شذاذ الأفاق.
الشعب المصري يأخد المجلس وفلول مبارك لحد البحر ويرجعهم عطشانين.
 الشعب المصري ما إتخلقش لسه اللي يلبسه السلطانية.
الشعب المصري وهو جالس على الكنبة يدعم ويؤيد المتظاهرين الأطهار الأحرار، وحين يجد الجد سينزل الشعب من على كنبته، لينضم للمتظاهرين كي ينصرهم.

لا ينتطح عنزان في ان أغلبية الشعب المصري، بمثقفيه وعماله وفلاحيه، وموظفيه وعواطليته، يريدون الاصلاح، ولابد من وجود خارطة طريق لتطهير البلاد من الفساد، ومن ذيول النظام السابق، ولابد من جدول زمني محدد لتنفيذ هذا الاصلاح، الذي يمثل هدفا لا تراجع عن تحقيقه كي يضمن المصريين مستقبل مصر.
بكل تأكيد أي مصري عاقل ويحب بلده، ويخاف على مستقبلها، يطالب بإستكمال تحقيق أهداف الثورة، وتطهير مصر من بقايا نظام مبارك، المسيطرين على عقول الشباب في الجامعات، والمسيطرين على عقول كل الشعب في التلفزيون والصحف المباركية، والمسيطرين على منصة القضاء وأطلقوا سراح قتلة شهداء الثورة، والمسيطرين على الأحزاب والجماعات التي حاولت ولازالت تحاول أن تبيع الشعب مقابل بعض المناصب وبعض كراسي البرلمان، والمسيطرين على بعض المراكز والرتب العسكرية العليا، ويعملوا جاهدين على دق إسفين فتنة بين الشعب والجيش، والمسيطرين على المجلس العسكري، ويتحركون بسرعة السلحفاة، ويعطلون أي محاولة لإستكمال تطهير مصر، تمهيدا للإنتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

أعلم انه لو كان أعضاء المجلس العسكري لديهم أدنى حد من العقل، والمسئولية والوطنية، لسارعوا دون تردد لتكوين مجلس مستشارين يضم قضاة وسياسين وصحفيين وخبراء امنيين، لكي يساعدهم هذا المجلس في إدارة البلاد، خلال هذه الفترة الحرجة.
أعلم ويعلم كل مصري أنكم رجال مبارك المخلصين، وما كنتم لتصلون لهذه المناصب والرتب العليا لو لم تكونوا أوفياء لمبارك.
أعلم ويعلم كل مصري، أنكم تماطلون وتعطلون أي محاولات جدية للتحقيق مع مبارك وأسرته، لمحاسبتهم على جرائمهم العديدة، على سبيل المثال لا الحصر، جريمة سرقة شعب مصر، وجريمة قتل شهداء الثورة.
أعلم جيداً ويعلم كل مصري، أنكم لازلتم مع مبارك قلباً وقالباً، وأن كل الإجراءات التي إتخذتموها هي مجرد إجراءات شكلية، لإمتصاص الغضب الشعبي الثوري، وتحويله نحو قضايا فرعية.
أعلم ويعلم كل مصري أنه من الخطورة أن تحدث مواجهة بين الشعب والجيش، لذلك أناشدكم، ولو كانت لديكم بقية من شرف عسكري ورجولة، ونخوة ووطنية أن تحاكموا كل من يحرض، أو يأمر، أو يقوم بقمع المتظاهرين الأحرار الذين يطالبون بتطهير مصر من بقايا فلول مبارك، وأن تتوبوا يا عسكر مبارك وتوقفوا عن ممارسة التباطوء في تنفيذ عملية تطهير مصر من دلاديل مبارك .
حسام السعيد عامر
Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 4 تعليقات:

  1. لابد من استكمال الثورة لابد من تطهير مصر من بقايا مبارك

    ردحذف
  2. استيقظ من نومك يا شعب مصر مجموعة محامين يرفعون قضية يطالبون ببطلان تنحي ممبارك ويطالبون بعودته

    ردحذف
  3. الموضوع ببساطة فتش عن الأموال المغدقة ولأن ميزانية الجيش من الأسرار العسكرية عيب ياولاد لحسن الأعداء تعرف احنا تسليحنا عامل ازاي !!! رغم ان الأعداء هم من يمدونا بالسلاح واعدانا يعرفون ادق تفاصيل حياتنا ابينا أو رفضناأو حتى تواطئنا في ذلك

    ياجماعة الخير اضغطوا لسن قانون حرية تداول المعلومات حتى يعلم أي مصري ما ينفق أي مسئول من أموال البلد فالأموال العامة ملك للشعب وعندئذ نعرف الحقائق ولن نقف مكتوفي الأيد عاجزي الحيلة امام تفسير مواقف كالتي نراها الآن

    ردحذف

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...