الإستمرار في الإستحمار

عزيزي الرئيس المصري القادم، تحية طيبة وبعد، ها انت قد رأيت بنفسك حجم الدمار والفساد، والتجاوزات والفوضى، التي تعوم وتغرق فيها يوميا مصر وطناً ومواطنين، وها أنت قد عرفت خفايا الصورة القاتمة، التي كان يحاول الرئيس السابق وأعوانه تغطيتها وسترها عن العيون، اعلم يا ريس انك تواجه العديد من التحديات، التي سيكون من المستحيل عليك أن تواجهها منفردا، دون حشد كل مواطني مصر خلفك للتغلب على هذه التحديات، والتي نوجزها في عدة نقاط رئيسية، ويتفرع ويتشعب منها تحديات اخرى، لا تقل عنها في الاهمية ولا في الخطورة، وسأذكر في السطور القادمة أهم هذه التحديات.

 

الإستمرار في الإستحمار

 

..................................


أولاً فساد وتردي التعليم، والذي نتج عنه تخريج الملايين من أشباه المتعلمين، الذين هم للجهل والعشوائية أقرب، ثانيا تردي الخدمات الصحية في المستشفيات، التي اصبحت لا تقدم أي خدمات حقيقية للمواطنين، بسبب سوء إختيار الإدارة، وبسبب إنعدام المراقبة والمسائلة والمحاسبة.

ثالثا فساد وتوحش وهمجية كافة الأجهزة الأمنية، التابعة لوزارة الداخلية، ويكفي للدلالة على هذا أن أقسام الشرطة أصبحت لا تقوم بدورها في بحث شكاوي المواطنين، والتحقيق فيها، بالإضافة لأن أقسام الشرطة أصبحت بمثابة مفرخة لإنتاج زبانية تعذيب، لتأهيلهم فيما بعد للإنضمام لأمن الدولة، الذي أصبح وصمة عار كبرى في وجه مصر، بعد أن إنكشفت علاقته السرية بالأجهزة الإستخباراتية الأمريكية، حيث يقوم بإستجواب وتعذيب المعتقلين بالوكالة لحساب هذه الاجهزة.

رابعاً حالة التردي والترهل والتخبط التي أصابت القضاء المصري، الذي اصبحت العدالة فيه بمثابة السلحفاة التي قد لا تصل لصاحبها في يوم من الايام، خامساً شيوع ثقافة الرشوة والمحسوبية في كل انحاء مصر، فلا تخلو إدارة أو مؤسسة تابعة للدولة من هذه الظاهرة الخطيرة، سادساً عدم وجود مشاريع قومية ذات فائدة لافراد الشعب المصري، فالمشروعات العملاقة والقومية، مثل توشكى وشرق التفريعة والقرية الذكية، لم تعد بالنفع على المواطن العادي.

سابعاً قتل المشاريع التصنيعية العملاقة، سواء في المجال المدني او العسكري، والإكتفاء بمصانع السيراميك وحديد التسليح، والزيت والمكرونة، ثامناً فساد وتردي الزراعة في مصر، فبعد كارثة المبيدات المسرطنة، ظهرت كارثة جديدة تنافسها، في إيذاء من تبقى صحيحاً معافى من الشعب المصري، الذي أهلكته الأمراض الناجمة عن هذه الكوارث، والكارثة الجديدة هي فضيحة ري الزراعات بمياة المجاري، تاسعاً فساد الحياة السياسية والحزبية في مصر، والتي ترتب عليها قتل الإنتماء في نفوس المواطنين، الذين عاشوا خلال الثلاثين سنة الماضية، تحت هيمنة وسيطرة حزب واحد فقط، وهو الحزب الوطني، وتحت سيطرة رئيس واحد فقط، وهو الرئيس السابق محمد حسني مبارك.

بعد أن عرضت عليك يا رئيسنا الجديد أهم التحديات التي ستواجهك خلال فترة حكمك القادمة، حان وقت ذكر مطالب الشعب المصري، والتي لن تقوم لنا قائمة، ولن نستعيد مكانتنا كدولة محترمة، ذات سيادة إلا بتنفيذ هذه المطالب.

أولا مسائلة كل الفاسدين والإنتهازيين، والضرب بيد من حديد على يد المفسدين، ثانيا إعادة إحياء الحياة السياسية والحزبية في مصر، مع الأخذ في الإعتبار بعدم التصريح للاحزاب الطائفية والإثنية والدينية، والتي تتشابه في أطروحاتها مع الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة، وأيضا مع احزاب اليمين العنصرية بأوربا، كحزب لوبان في فرنسا على سبيل المثال.

ثالثاً إستعادة ثقة الشعب المصري بالحكومة، وذلك بإعطاء الإستقلالية الدينية والفكرية والسياسية للأزهر وللكنائس المصرية، ورفع قبضة الدولة عن هذه المؤسسات، التي أصبحت تفتقد للمصداقية، بسبب سيطرة النظام عليها، رابعاً التوقف نهائيا عن إسناد المناصب الإدارية العليا للمتعصبين العالمانيين المعادين للدين الإسلامي، نظرا لحماقتهم ورعونتهم وفساد أفكارهم المتطرفة، وعدائهم السافر للإسلام والمسلمين، والتي تساهم بشكل كبير في نزع الشرعية عن أي نظام حاكم، يحتضن أمثال هؤلاء الموتورين.

خامساً الإهتمام بالعلم وتشجيع العلماء، وإعادة إحياء المراكز البحثية المتخصصة، سادساً البدء فوراً بتطبيق ثورة صناعية، والتركيز على الصناعات التكنولوجية الحديثة، لما لها من مردود عالى على المستوى الإقتصادي، ولنقتدي بماليزيا وكوريا الجنوبية في هذا المضمار، سابعاً البدء فوراً في إقامة دولة القانون والدستور، وذلك بأن تكون أنت يا ريس أول من يحترم القانون والدستور، وذلك بأن تكون مسائلتك ممكنة تحت قبة مجلسي الشعب والشورى.

عزيزي الرئيس المصري القادم، بإمكانك أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه، بإعتبارك مصلح سياسي قام بتغيير مصر للأحسن، وبالطبع لن ينساك التاريخ لأنك ستقوم بإصلاح ما أفسده أشهر مفسد عرفته مصر على الإطلاق، وبإمكانك أن تقرن إسمك بإسم حسني مبارك في كتب التاريخ، التي ستذكر دوما فساد مبارك، الذي إشتهر عهده بالظلم والفقر والفساد والبطالة، والامية والتخلف والمرض والذل والقهر، والانحلال والاختلال والانهيار والهوان، والانحراف والرشوة، والعنوسة، والطغيان والتجبر واحتقار وتزوير ارادة الشعب، كتب التاريخ سوف تذكر جهود الرئيس الذي جاء بعد مبارك، وواجه هذه التلال من المشاكل، وهزمها، وقام بدور لا يقل اهمية عن أدوار أعظم قادة ومشاهير التاريخ، سواء قديما أو حديثاً، وأعاد إحياء وطن من العدم.

أما يا ريس لو قررت أن تسير على نهج مبارك، أو لو قررت أن تقوم بإصلاحات شكلية ذراً للرماد في العيون، مع الإستمرار في الإستحمار، فساعتها سأقول لك وسيقولها معي الشعب المصري ونصيح كلنا في وجهك "اهلاً بك في مزبلة التاريخ"، الأمر بيدك يا ريس إما أن تدخل التاريخ وأما أن ترمى في مزبلته.

والله من وراء القصد

حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 13 تعليقًا:

  1. كلامك جميل أسلوبك هدىء و تحليلك فى محله و مستفيضا ذكرت كل المساوىء كلها و لم تطرأ لأى إيجابيات ولكن جاء فى الأخر عاطفى و رومانسى حين طلبت منه بإستعطاف وذلك بأن تكون مسائلتك ممكنة تحت قبة مجلسي الشعب والشورى مع أن هذا ليس عيبه و لكنه عيب شعب مصر الذى بستهين بحقه و يتجاوز للحاكم لإرضائه و أنظر حولك لتجد الموظف يفعل ذلك ليرضى مديره حتى لو باع المؤسسة الذى يعمل بها دى ثقافة شعب يا حسام لا تلوم فرد و تنسى أن تثقف شعبنا فهو يستحق منك العناية أيضا

    تحياتى إستمر

    مهندس/ حاتم أبوزيد

    ردحذف
  2. جمال هو الريس القادم موتو بغيظكم

    ردحذف
  3. يسلم يراعك يا استاذ حسام، حقيقي سعيد جداً إنك لم تستخدم اي الفاظ خادشة للحياء في هذه المقالة الرائعة
    دكتور عبد العزيز

    ردحذف
  4. جمال افضل من يحكم مصر

    ردحذف
  5. يا حسام فكك من اللي بيشكك ههه ريس جديد ايه الريس الجاي هو جمال مبارك ولو كره الحاقدون امثالك
    قارئ من جهة امنية

    ردحذف
  6. عم مرعي بتاع الكلماالخميس, أكتوبر 15, 2009 9:48:00 م

    بضم صوتي لصوتك يا حسام يابني وكل اللي قلته انا موافق عليه وكمان بتفق مع الدكتور عبد العزيز في ان رغم انك لم تسخر كعادتك وان مقالك مفيهوش كلام خادش لكن برضه كالعادة كان مقالك ممتع وسلس استمر على هذا المنوال

    ردحذف
  7. لو جاء رئيس من خارج النظام الحالي يبقا اكيد ممكن يسمع الكلام ده وياخده في اعتباره اما لو جمال مسك الحكم يبى عوضنا على الله في البلد
    أم سمر

    ردحذف
  8. انا مش عارف ازاي الانسان يكون مصري ويوافق ان جمال يحكمنا
    دي خيانه لمصر ولشعب مصر
    اكيد قابضين

    ردحذف
  9. جمال مبارك وبس

    ردحذف
  10. جمال احسن من الاخوان احنا ناقصين تخلف

    ردحذف
  11. يسقط يسقط حسني مبارك
    يسقط يسقط جمال مبارك
    قارءى من كرموز

    ردحذف
  12. مبارك وابنه هما المشكلة
    الديمقراطية هي الحل
    لازم نحل المشكلة والا مصر هتفضل ترجع للخلف واظن اننا بقينا في ديل الامم من يوم مبارك ما بقى رئيس
    واحد من مصر

    ردحذف
  13. انا عن نفسي افضل ان البسطويسي او زويل او ايمن نور يكون حد فيهم هو رئيس مصر
    الناس اللي بتشجع جمال مبارك بجد انا انصحكم تراجعوا تفكيركم وبص لمصلحة مصر كلها مسلمين ومسيحيين وبلاش تبص لمصلحتك الشخصية
    مهندس مينا عازر

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...