يا داهسني وظلمك ماضي إفرمني كمان أنا راضي

كان ياما كان في بلد مهكع وكتيان، كان فيه شعب غلبان، وبتحكمه عصابه كبيرة من الخنازير والغربان، من عشاق الظلم والطغيان، وقد حدثت في البلد الكتيان، هذه الحكاية أمام شهود عيان، من الشعب العيان، بالفيروس سي والفشل الكلوي والسرطان.

 

يا داهسني وظلمك ماضي إفرمني كمان أنا راضي

 

.....................

في يوم من أيام شهر مارس 2008، أي منذ عام ونصف تقريباً، خرج من قسم شرطة مركز طهطا النقيب محمد سعد، معاون مباحث مركز طهطا، وركب سيارة الشرطة الربع نقل، بصحبة قوة مكونة من عدة مخبرين، وبعض جنود الشرطة المصرية، متوجهين لقرية الجبيرات، إحدى قرى مركز طهطا بمحافظة سوهاج، وقفت سيارة الشرطة أمام منزل المزارع إبراهيم الغلوظي، ونزل النقيب محمد سعد بصحبة قوة الشرطة، وإقتحم المنزل عنوة، وجذب رجل مريض مسن وعاجز من فراشه، وأمر أفراد القوة بحمل الحاج إبراهيم الغلوظي هيلا بيلا، وإلقاؤه في صندوق سيارة الشرطة، لعرضه على النيابة صباح اليوم التالي، في قضية بسيطة كان المزارع المريض إبراهيم الغلوظي ذو الخمسة وستون عاماً مطلوبا للمثول فيها أمام النيابة.

لم يشفع لإبراهيم الغلوظي مرضه، ولا عمره المتقدمه، ولا عجزه عن الحركة، كل هذا لم يرحم الرجل من غلظة ووحشية وغباوة النقيب محمد سعد، الذي فعل فعلته أمام زوجة الرجل العجوز، وأبناؤه وأخوه الأكبر، بالإضافة للجيران والأقارب.

لم يتحمل عيد الغلوظي رؤية ما يحدث لأخيه الذي يصغره بأعوام قليلة، وتوسل للشاب المفتون بسطوته، والمسلح بسلطته التي يستمدها من نظام غاشم، متوحش بربري، يفتقد للعقل والقانون والإنسانية، لكن توسلات الرجل العجوز أخو المقبوض عليه، وكذلك توسلات أبناء المقبوض عليه وزوجته، بأن يتعهدوا بإحضار الرجل المريض للنيابة، بعد أن يتماثل للشفاء، كل هذه التوسلات ذهبت أدراج الرياح.

وبعدما فقد الأهل الأمل في إستعطاف النقيب محمد سعد، الذي قد قلبه وعقله من جلمود صخر، ويتعامل بتعالى، على أهل المقبوض عليه بلا إنسانية، لم ترحم ضعف ومرض وشيبة إبراهيم الغلوظي، هنالك لم يجد أخيه الأكبر عيد الغلوظي سوى أن يقف أمام سيارة الشرطة، ويطلب من الظابط القاسي القلب أن يترك أخيه المريض وينزله من السيارة، ربما كان عيد الغلوظي يقلد بشكل أو بآخر المهاتما غاندي، في مقاومته السلمية لجبروت الإمبراطورية البريطانية، عندما تمدد هو وملايين الهنود على الطرق، وعلى قضبان القطارات، وأفلحت طريقته السلمية مع الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس في حينها، والتي وافقت على الرضوخ لمطالب غاندي، الذي لم يقاوم الإنجليز بالسلاح ولكن بالتحدي السلمي.
النقيب محمد سعد كان اغلظ قلبا وأحقر نفساً من جنود الإمبراطورية العظمى، ووزرائها وملكتها، النقيب محمد سعد أمر الجندي الذي يقود السيارة، بأن ينطلق بالسيارة ويمر على جسد الرجل العجوز، المستند على عصاه بيد مرتعشة، ولا يقوى على الوقوف دون مساعدة، الجندي رفض تنفيذ الامر الذي أصدره النقيب الغاشم الاحمق، قام النقيب محمد سعد بتهديد الجندي بمحاكمته عسكرياً لو لم ينفذ الأمر، فما كان من الجندي الغبي سوى أن نفذ أمر النقيب، وإنطلق بالسيارة ودهس جسد عيد الغلوظي، الفكهاني المسالم حفيد غاندي الروحي، وصاحب المروءة والنخوة والجرأة والشجاعة، والذي قل أن نجد شبيه له اليوم بين ملايين المصريين، المتقبلين للأمر الواقع، والخانعين لسطوة ووحشية وغباء جلاوزة الشرطة المصرية.

بعد أن دهست سيارة الشرطة جسد عيد الغلوظي، الرجل المسن، وجرجرته محشوراً أسفلها لمسافة أكثر من 500 متر، تعالت صرخات الأهالي، وأيضا صاح الرجل المريض إبراهيم الغلوظي في وجه الجنود والمخبرين، وهو يبكي مستعطفاً قلوبهم الحجرية، على أخيه المحشور أسفل سيارة الشرطة، ولحظة مرور سيارة الشرطة فوق مطب صناعي مرتفع جداً، عجز السائق عن تجاوزه بسبب إنحشار جثة الشهيد عيد الغلوظي تحت العجل، مما أعاق تقدم سيارة الشرطة، توقفت سيارة الشرطة، وأمر النقيب محمد سعد الجنود والمخبرين بتخليص الجثة من تحت السيارة، ثم فر النقيب بصحبة القوة، وهرب تاركا الشهيد عيد الغلوظي مضرجاً في دماؤه، ومسحولاً ومفروماً تحت عجلات سيارة شرطة فخامة حاكم غير مبارك.

تجمع أهالي قرية الجبيرات حول جثة الشهيد عيد الغلوظي، ورفضوا نقل الجثة إلا بعد حضور النيابة، وبالفعل حضرت النيابة وقامت بمعاينة الحادث، وكما هو معتاد في مثل هذه الجرائم الحكومية، التي لا يحقق فيها سوى المحامي العام، وبعد أن إنتهى المستشار نصر فراج المحامي العام لنيابات سوهاج من تحقيقاته في هذه الجريمة، أمر بإحالة القضية لمحكمة طهطا الكلية بتهمة القتل الخطأ، والقتل الخطأ ليس جريمة النقيب محمد سعد، بل القتل الخطأ والخطيئة هو ما فعله المحامي العام الأول، الذي لوى عنق الحقيقة، وتجاهل أن النقيب محمد سعد قد أمر الجندي بالإنطلاق بالسيارة، لدهس الشهيد عيد الغلوظي، وهو ما يعتبر بكل المقاييس قتل مع سبق الإصرار والترصد.

الشئ العجيب والذي لم أستطع فهمه من الخبر، الذي نشرته جريدة الشروق عدد الجمعة 2 أكتوبر 2009، هو لماذا رضى بهذا الحكم المجحف أهل القتيل ومواطني قرية الجبيرات؟، الذين إستقبلوا الحكم بترحاب وفرحة عارمة، وطافوا القرية بزفة بالطبل والمزمار، معبرين عن فرحتهم بالقضاء العادل، عام ونصف عقوبة قتل مواطن مع سبق الإصرار، يا بلاش يا مصري وياما رخصت في سوق بني الإنسان.

سنة ونصف سيحجز فيها النقيب محمد سعد وهو معزز مكرم، في أحد معسكرات الأمن المركزي، وسيكون بمقدوره ان يأخذ أجازة إسبوعية خميس وجمعه، يقضيها مع أسرته، وسيستمر صرف راتبه، وحوافز القتل والتعذيب، وبدل عدوى من المواطنين، وبدل فرم وبدل تعذيب، كل المكافآت ستستمر كما لو كان النقيب محمد سعد لازال بالخدمة، هكذا تعامل الداخلية رجالها، فتكافئهم على وحشيتهم، وغبائهم وحقارتهم وإجرامهم، وبعد إنتهاء العام والنصف الترفيهيين، سيعود النقيب محمد سعد لموقعه في المباحث، ولن تتأثر ترقيته بالجريمة التي إرتكبها، بل ستكون بمثابة نقطة مضيئة في ملفه، ودافع لكي يتم تسريع ترقيته بإعتباره قلبه ميت، وليس من المستبعد ان يقوم أخوته القتلة، من ضباط ومجرمي أمن الدولة، بضمه معهم للإستفادة من خبراته الإجرامية، كقاتل سابق، ومؤكد سينجح كما نجح وزيره حبيب العادلي من قبل، وهو الذي قتل بنفسه العديد من المعتقلين أثناء إستجوابهم على يديه، أيام كان يخدم في أمن الدولة، وقبل أن ينتقل كخادم مخلص لمبارك، الذي بدوره أكثر من خدم الصهاينة بإخلاص منقطع النظير.

ننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يرقى فيه النقيب محمد سعد لرتبة اللواء، ويعين وزيراً للداخلية، كما ننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي سيولى فيه المستشار نصر فراج وزارة العدل، فعلى أكتاف أشباههم من القتلة، والخونة والظالمين تقوم دولة العدل، والعدالة في نظام العمالة، برئاسة أبو ريالة، وإبنه حصالة الزبالة، ويومها ستخرج جموع الشعب المصري لغناء النشيد القومي الجديد، يا داهسني وظلمك ماضي إفرمني كمان أنا راضي، يا داهسني يا داهسني ، يا داهسني وظلمك مااااااااضي
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 19 تعليقًا:

  1. ويلاه!! ياللهمجية و البربرية... ياللقرف!


    رحمه الله و العدل لذكراه

    ردحذف
  2. من أجل كل ما قلت...
    جلست انا حيث كنت...
    أصنع صنعا غريبا...
    أهوهو في مكاني ...
    آمن من كل حرامي...
    سرق قوتي ويريد أن يخرص لساني.
    أهوهو ...
    هنا هوهواتي :-

    ردحذف
  3. طول ما الشعب ساكت يستحق كل ما يجراله وياريت ربنا يخسف بمصر الأرض ويريحنا من مبارك ومن الشعب الي راضي بمبارك
    أحمد

    ردحذف
  4. بجد مش عارفه اقول لك ايه بس من كل قلبي بهنيك على وطنيتك وشجاعتك
    ام سمر

    ردحذف
  5. عم مرعي بتاع الكلماالجمعة, أكتوبر 09, 2009 3:34:00 م

    حرام عليك تعكنن علينا كده يا حسام يابني خليك حنين شوية وبلاش توجع قلوبنا بحالنا المايل حبك للعدل وكرهم للظلم يخلوني احترمك اكتر واكتر وكل سطر بتكتبه بيعبر عن الامنا وهمومنا كلنا بصفتي مصري مغلوب على امره احييك على شجاعتك في الحق وعلى نصرك للمظلوم وانا ارفض اني اغني الاغنية دي وهغني مكانها قوم يا مصري مصر دايما بتناديك

    ردحذف
  6. وكم في مصر من المضحكات ولكن ضحك كالبكا
    يسلم يراعك يا استاذ حسام
    دكتور عبد العزيز

    ردحذف
  7. نهيتك قربت ياكلب والاسبوع ده هتكون مشرف عندنا

    ردحذف
  8. الكاتب المحترم حسام عامر يثبت دائما بأنه منحاز دوماً للمظلوم+كراهية عميقة متجذرة للظلم لذلك أعلنها صراحة بأنك أصبحت كاتبي المفضل وعلى المتضرر اللجوء للقضاء
    مهندس مينا عازر

    ردحذف
  9. الحقيقةدايما مؤلمة وحضرتك دايما بتتعمد تخبرنا بها حتى لو أوجعتنا شكرا انك معانا مش عينا وشكرا انك مش من كتاب الحكومة وشكرا انك مهموم بينا وبمصايبنا وشكرا انك بتحب الحق وتكره الظلم وشكرا لأنك مصري حتى النخاع
    الخنزير اللي شتم حضرتك لازم تحذف رده دولا شية خنازير سارحين في النت بأوامر من امن الدولة عشان يهينوا الكتاب المحترمين والمعارضين لمبارك وكل من يخالفهم في الرأي احذف رده يا استاذ حسام خسارة فيهم الحياة

    ردحذف
  10. لا حول ولا قوة إلا بالله....لهذا الحد أصبح الظلم معتاد في مصر...أهل القتيل يفرحون بمعاقبة القاتل بحبس لمدة عام ونصف فقط...إنا لله وإنا إليه راجعون
    محمود الأزهري

    ردحذف
  11. اسلوبك في الكتابة سخيف وفكرك كله حقد على اسيادك وخلال اسبوع هتكون مشرف عندنا
    قارئ من جهة امنية

    ردحذف
  12. أيوووه ليه كده.. ليه كمان اسبوع يا قارئ من جهة امنية وليه مش النهارده متورينا شطارتكم في خنق وقتل كل من يعارضكم..قريت ردك على مقالات سابقة وبرضه بتهدد حسام انه نهايته قربت انت مش مكسوف من عبطك وكدبك وعايز اسئلك هو انتو الاسبوع ده عليكم الدورة والدم مغرقاكم.. اتفو عليك وعلى الي شغلك في الجهة الامنية وعلى رئيسك المعفن وابنه البيجي بيجي
    قارئ من كرموز

    ردحذف
  13. وجعت قلبي يا أستاذ حسام ..... لأمتا هنفضل ساكتين عالظلم....... وأقول لمجهول الي شتمك اقول له الشتيمة تلف تلف وبترجع لصاحبها

    ردحذف
  14. تسلم ويسلم قلمك يا احسن كاتب في الدنيا ربنا يحميك من اذاهم وينصرك عليهم ويورينا يوم في الكلاب والخنازير بتوعهم زي الخنزير الي شتمك وقارئ من جهة امنية الي بيهددك ومع ذلك لم تحذف تعليقاتهم
    انت راجل محترم وفعلا راجل والرجال قليل في بلدنا
    واحد من مصر

    ردحذف
  15. الذي لا تعرفه عن الحدث يا سيدي ان وابلاً من الرصاص انهال عليهم في كمينهم قرب البلده المذكوره وقُتل الضابط في سيارته الخاصه او اللي واخدها من احد المساكين ...الضابط قُتل ( يمهل ولا يهمل )

    ردحذف
  16. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
    سمعت ناس زمان بتقول ...
    ولا بد من يوم محتوم...
    تترد فيه المظالم .
    ابيض علي كل مظلوم ...
    اسود علي كل ظااااااالم

    ردحذف
  17. الحمد الله ان الظابط اتقتل وان ربنا سبحانه وتعالى انتقم للشهيد
    يارب انتتقم لنا من مبارك وعصابته ومن كل فاسد وظالم بيشتغل في الشرطة

    ردحذف
  18. ربنا يبارك في قلمك يا استاز حسام

    ردحذف
  19. باراجل الواحد بيدخل مدونتك وهو خايف الله يكون في عونك انت الي بتكتب المقالات الثورية دي احييك على شجاعتك وربنا يبارك لنا في قلمك

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...