القوادة السياسية والإستخباراتية في مصر .حرية العقيدة 10

الشئ الأكثر غرابة في حكاية مهند هي عندما أوشك معذبيه في أمن الدولة على قتله ثم دون سابق مقدمات أوقفوا تعذيبه وعالجوا جروحه ثم أخرجوه، ربما كانت إرادة الله هي التي دفعتهم لأن يفعلوا هذا وربما كانت لديهم رغبة عارمة في سحق إرادة مهند العنيد الذي أذاقهم لأول مرة في حياتهم مرارة الهزيمة ومرارة إفشال خططهم وهو الذي نجح عبر عدة سنوات في البقاء عاقلاً متماسكاً وهو الذي كان يسخر من حماقاتهم ومضايقاتهم الغبية وهو الذي كاد أن يفتك بأحدهم وما لا نعرفه هل تأذي الرجل الذي لف مهند رقبته 180 درجة ومؤكد أنه إن لم يكن فارق الحياة فإنه على الأقل سيحي ما بقي من عمره عاجزاً أو مشوهاً، لماذا تركوا مهند حياً رغم أن المنطقي أن يقتلوه ليتخلصوا منه ولينتفموا لزميلهم، لابد وأن قادتهم لهم رأي آخر ولذلك قرروا أن يستمروا في التجربة حتى النهاية لكي يمارسوا على مهند فنون الحرب النفسية الأخرى ولا أستبعد أن حالة مهند الشاذة ستصبح مادة مهمة من أدوات الاجهزة الاستخباراتية المصرية لتطوير مهاراتهم في الحروب النفسية حتى إذا ما ظهر لهم مهند آخر يستطيعوا التعامل معه مسترشدين بما سيتعلمونه خلال حربهم طويلة المدى مع مهند المصري

منذ عدة أعوام عرفت عن قرب حكاية شاب تعرض لمثل هذه الحروب النفسية ولنطلق عليه إسم اسامة وحكايته كما رواها لي هي أن أسامة أمسك بمراهق يعبث في محابس المياة في مدخل العمارة التي يقطن فيها وطرد أسامة المراهق بعد أن عنفه بشده، بعد عدة أيام أمسك بمراهق آخر فكرر ما فعله سابقاً وتكررت الحكاية حيث أن اسامة كان يسكن في الدور الأرضي وبالتالي أي حركة عند العدادات يستطيع سماعها بسهولة، بعد ذلك قرر أسامة مع سكان العمارة غلق بوابة العمارة بالمفتاح حفاظا على العمارة التي ليس فيها بواب

بعد ذلك إستدعي أسامة عن طريق أحد أصدقائه لمقابلة أحد ضباط أمن دولة وهناك قابل الضابط أسامة وصديقه بترحاب مبالغ فيه ورحب بهما كثيراً وعرف اسامة ان الضابط كان قد تعرف على صديقه منذ يوم واحد فقط عن طريق أحد أقارب صديق أسامة الذي يعمل ضابط شرطة بأحد المراكز الصغيرة بمحافظة من محافظات الدلتا، أسامة أثناء سماعه لحكاية تعرف ضابط أمن الدولة بصديقه كان يحاول التفكير في سبب هذه الأساليب الغريبة للتعرف عليه هو شخصياً لكن الضابط قطع على أسامة تساؤلاته التي كانت تدور في عقله وصارحه بأنه يريد أن يتعاون معهم في موضوع يمس أمن البلد فأبدى أسامه موافقة أوليه رغبة منه في خدمة بلده فهو تربى على مشاهدة الأعمال التلفزيونية التي عرفته ببطولات رجال المخابرات كمسلسل رأفت الهجان ومسلسل جمعة الشوان

طلب الضابط من أسامة ان يسمح للشباب الذين يغلقون ويفتحون محبس مياة شقة أحد سكان العقار وعلل الضابط هذا بأنهم يريدون مضايقة هذا الشاب لأنه شيعي كافر هنالك صعق أسامة ولم ينبس ببنت شفة وخاصة عندما أخبره الضابط انهم يتصنتون على الشيعي في شقته وعندما يفتح صنبور المياة سيكلفون أحد شباب المنطقة بغلق المحبس وفتحه لمضايقة ذاك الشيعي، ثم طلب الضابط من أسامه أن يساعد هؤلاء الشباب ويرشدهم إلى كوفريه كهرباء شقة الجار الشيعي حتى يستطيعو قطع الكهرباء عن شقته بنزع الفيوز وإعادته لمضايقة الشيعي الكافر، هنا لم يطق صديقي أسامه صبراً وقال للضابط بمنتهى الصراحة "أنا لما هعمل حركات الشرمطة دي هبقا بخدم مصر!!!" وطبيعي أن الضابط حاول أن يضلل أسامه وشرح له مخاطر جاره الشيعي بحسب وجهة نظر ضابط أمن الدولة لكن كل محاولات التشويه لشخصية الجار الشيعي الذي كان من سوء حظ ضابط أمن الدولة محبوب جداً من جيرانه نظراً لانه كان إنسان ذو مروءة ويقف مع جيرانه في الشدائد ويساعدهم دون إنتظار لكلمة شكر بالإضافه لإن أسامة يعرف قصة تشيع جاره الذي قرأ كتاباً منذ عدة شهور وتأثر وإقتنع بما فيه وبالتالي لا توجد منه خطورة على مصر، شرح أسامة للضابط حقيقة ما يجهله عن جاره الشيعي وطلب منه ان يعيد التفكير في هذه الإفتراءات التي رددها على مسامعه وهنا فوجي أسامه بصديقه يحثه على التعاون مع الضابط فنهر أسامه صديقه وقال له " لو ما كنتش داخل من البوابة معاك وعارف اني جوه مبنى ادارة مباحث أمن الدولة كنت فكرتها الكاميرا الخفية، اللي مطلوب مني مايليقش ابدا بأمن الدولة ده شغل شراميط مش شغل رجاله وبعدين فين الخطورة على مصر من واحد آمن بمذهب تاني مش حرية الرأي والتفكير موجوده في الدستور المصري ولا أنا غلطان" قام اسامه من على كرسيه وإنصرف دون أن يصافح الضابط ودون أن يهتم بإصطحاب صديقه معه، ما حدث بعد ذلك مع اسامة لا يختلف عما كان يحدث مع الشيعي ولا يختلف عما كان يحدث مع مهند المصري ولا يختلف عما كان يحدث مع محمود الذي هرب إلى ليبيا بعد ان إكتشف ان الإرهاب يتم زراعته ورعايته على أيدى أمن الدولة ولا يختلف عما كان يحدث مع مصطفى بخيت المصري المقيم باستراليا ولا يختلف عما كان يحدث مع المستشار هشام البسطويسي ولا يختلف عما كان يحدث مع الإسرائيلي آفنر الحارس الخاص السابق لجولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة ولم يختلف عما حدث لحبيب سويدية الضابط الجزائري قبل أن يتمكن من الهروب من الجزائر واللجوء لفرنسا حيث أصدر كتاب الحرب القذرة ولم يختلف عما حدث مع أيمن نور بعد أن لفقت له قضايا وسجن ظلماً وبهتاناً وماتم معه داخل السجن من مضايقات لا تخطر على بال بشر وما حدث له بعد أن خرج من السجن وهو قد لمح لما حدث معه في مقاله نشرها بجريدة الدستور المصرية يوم 1 سبتمبر 2009 أي منذ يومان تحت عنوان"هشام البسطويسي.. ودين الاستبداد الواحد" والمقال منشور على موقع جريدة الدستور المصرية
وفي الجزء الحادي عشر من هذه المقاربة سوف نسلط الضوء على وقائع أغرب من الخيال
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك تعليقان (2):

  1. رابط مقال ايمن نور على موقع الدستور
    http://dostor.org/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=30786&Itemid=59

    ردحذف
  2. عم مرعي بتاع الكلماالأحد, سبتمبر 06, 2009 2:32:00 ص

    الموضوع ده عرفني حاجات مهة جدا كانت غايبة عني انا اعرف حد اتصاب بالبارانويا وكان فعلا بيقول ان مبارك بيبعت ناس يراقبوه وهو اتعالج لمدة في مستشفى خاص وشفا بس بعد ما بيخرج من المستشفى ويخرج يرجع شغله بيبتدي يهلوس تاني ولما يقعد في البيت بيستريح يعني فعلا الناس دي بتهبل كل اللي بيحطوه في دماغهم ربنا يسترها علينا كلنا وميحطوناش في دماغهم اصل انا عندي عيال عايز اجوزها متشكر قوي يا حسام يابني وربنا ينورلك بصيرتك ويكرمك زي ما نفعتنا

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...