شر الحكام من خافه البريء وأمنه المجرم

يبلغ تعداد الجالية المصرية المغتربة اليتيمة المقيمة في مصر حوالي 80 مليون نسمة، والجالية المصرية هي أكبر جالية مغتربة في الكرة الأرضية ويجب على المسئولين عن موسوعة جينز للارقام القياسية التنبه لهذا وإدراج الجالية المصرية في الموسوعة بإعتبارها قد ضربت وشتمت وعورت كل الأرقام القياسية السابقة بتعدادها الكبير، ويليها من حيث العدد أفراد عصابة حسني بابا والخمسة وخمسين حرامي واتباعهم وهم كلهم لا يزيدون بحال من الأحوال عن نصف مليون منتفع وإنتهازي، والسؤال المثير للدهشة هو كيف تمكنت هذه القلة المستغلة من السيطرة على الـ 80 مليون نسمة التي لا تغني عنهم كثرتهم شيئاً، والإجابة هي الوهن، حب الدنيا والخوف من الموت، 80 مليون نسمة خايفين من نص مليون وبحسبة بسيطة كل 160 مواطن معكومين ومرعوبين من إنسان واحد بس، تخيلوا معايا 160 شحط طويل عريض خايفين من فرد واحد بس بزمتكم دي مش حاجة تكسف

على الرغم من فساد ولصوصية وفجر مبارك ونظامه إلا إن الجالية المصرية ساكته وراضية بكل ما يفعله بها، والشئ المؤسف حقاً هو ان الجالية المصرية أصبحت لا تنشد تغيير الحاكم بقدر ما تطالب بتحسين أحوالها المعيشية، غاية ما تريده الجالية المصرية هو ان تحيا نصف حياة أو أقل فى ظل سياسة منهجية واضحة تعتمد على نشر الفقر والجوع بين أفراد الجالية المصرية حتى لا يستطيع أفرادها ان يطالبوا بحقوقهم المشروعة نظراً لإنشغالهم بالتفكير فى كيفية الحصول على كسرة الخبز

وهنا ينبثق من رحم الواقع المزري سؤال زاعق خارق حارق ألا وهو "إيه الحل؟"، الإجابة أوضح من شمس الحق والحقيقة وأبلج من نور الصبح في ظلام وظلمات اليأس والقنوط، "الحل هو التغيير"، ليس تغيير الملابس بل تغيير القناعات والأفكار وتغيير الأوضاع وتغيير المفاهيم والثوابت الجامدة وتغيير الموروث الإنهزامي الإنبطاحي الذي رضعناه صغاراً على أيدي فقهاء الطغاة، والمطلوب تغيير كل المفاهيم والأفكار التي يبثها ليل نهار مثقفي القصر الجمهوري ولاعقي أحذية الرئيس، وعلى رأس كل أنواع التغيير المطلوبة يتربع مطلب تغيير النظام الحاكم الذي بتغييره نستعيد السيطرة على وطننا مصر

كيف تستطيع الجالية المصرية تنفيذ هذا التغيير وهي قد تربت طوال عمرها على الجبن والخنوع والإستسلام لكل من يملك السوط والعمامة وجنود الأمن المركزي، الحل هو العصيان المدني وهذا هو أسلم حل لأي مجتمع سواء كان أفراده جبناء كالمصريين ومن سار على دربهم او سواء كان أفراد المجتمع ثوريين شجعان كالجزائريين والإيرانيين واللبنانيين والأوكرانيين والإندونديسيين والرومانيين والفلبينيين والكوبيين والفنزويليين، العصيان المدني يناسب الجالية المصرية المغتربة في مصر لأنه ليس مطلوباً منها أن تتظاهر أو تنتفض أو تواجه جنود الأمن المركزي، العصيان المدني لا يتطلب من الجالية المصرية سوى أن تمكث في بيوتها وتنام وتتماوت كما تفعل حالياً لكنها ستتماوت بشكل يعود عليها بنتائج إيجابية، العصيان المدني هو أن يلتزم كل الشعب بعدم الخروج من المنزل وعدم الذهاب للعمل وهذا العصيان أقوى على الأنظمة القمعية من الدبابات لأنه إعتراف وإعلان وممارسة من أفراد المجتمع بعدم شرعية نظام الحكم

العصيان المدني معناه أن أضعف وأجبن مواطن في مصر سيقول للطاغية مبارك أنا لا أعترف بحكمك، العصيان المدني لو قمنا جميعاً بتنفيذه سننجح في إسقاط نظام مبارك وسيحترم أي حاكم جديد الشعب المصري وسيعمل لنا أي حاكم جديد ألف مليون حساب، العصيان المدني معناه أن نعلن لأنفسنا ولكل الدنيا أننا شعب على قيد الحياة وأن لنا إرادة وأننا نرفض أن يستعبدنا أحد

العصيان المدني لن ينجح إلا إذا إلتزمنا كلنا بتنفيذه في وقت محدد تحدده كل قوى المعارضة في الشارع المصري، العصيان المدني لن ينجح ما لم تتخلى قوى المعارضة عن الأنا والأنانية وتتوحد كلها خلف هدف واحد هو إسقاط نظام مبارك، العصيان المدني لن ينجح ما لم يتوحد الناصري والإخواني والليبرالي والعالماني واليساري وكما قال الأستاذ الكبير جلال أمين في كتيبه الهام جدا العولمة "يجب أن يتحد الإسلامي والعلماني واليميني واليساري والقومي والتقدمي لمجابهة عدو شرس يريد أن يسحقنا ويخطط لابتلاع بلادنا ومقدراتها ومحو ثقافتنا باسم العولمة وباسم الشرق الأوسط الجديد" وبديهي أن خطر الإستبداد لا يقل بحال من الأحوال عن خطر العولمة فكلاهما يهدف لسحق شعوبنا ولإبتلاع أوطاننا وثرواتنا وإفقارنا، العصيان المدني لن ينجح ما لم نتجاهل أصوات مشايخ وفقهاء الجبابرة والطواغيت وما لم نتجاهل تخرصاتهم وتشدقاتهم بوجوب طاعة ولي النعم ويعلم الله أن الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" بريء من هكذا مشايخ إمعات يسيرون في ذيل أي حاكم ويتنكرون لأوامر الله في كتابه الكريم بالكفر بالجبت والطاغوت، العصيان المدني لن ينجح ما لم نتحد كلنا على قلب رجل واحد ونرفض كل دعاة الفرقة والطائفية والمذهبية، العصيان المدني لن ينجح ما لم يقتنع كل أفراد الجالية المصرية المغتربة في مصر بضرورته وأهميته كأسلوب وحيد ومؤكد لتغيير نظام مبارك، العصيان المدني لن ينجح ما لم يتحمس كل فرد سواء مسلم سني او مسلم شيعي او قبطي أو بهائي أو ملحد لنشر وترويج هذه المقاله بين المواطنين وبين كل القوى السياسية ومالم يحث كل فرد منا القوى السياسية على الإسراع بالتوحد لإنقاذ الجالية المصرية من القهر والفقر والجوع الإذلال والتعذيب والجهل والتخلف ومن "شر الحكام الذي يخافه البريء ويأمنه المجرم" كما يقول المثل الهندي
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 7 تعليقات:

  1. اللي بتطلبه يا أستاذ حسام عمره ما هيتحقق غير لو كل احزاب المعارضة اتحدوا في جبهة واحدة وده تقريبا مش هيحصل لان المعارضة المصرية مش معارضة حقيقية دول كلهم شوية موظفين عند الحزب الوطني وبياخدوا اوامرهم من صفوت الشريف واي حزب النهاردة بيديره امناء شرطة في امن الدولة مش ظباط تصدق ان الاخوان حتى حالهم بقى يصعب عالكافر وقياداتهم مرعوبين من حملة الاعتقالات وعندهم استعداد يتفاوضو مع النظام ويسمعو الكلام زي باقي احزاب المعارضة حتى ايمن نور خرج من السجن مشوش واهدافه مهزوزة ومش عارف يعمل ايه بالظبط .. وضعنا زي ما حضرتك بتقول دايماً في مقالاتك وضعنا يصعب عالكافر

    ردحذف
  2. ربنا يبارك فيك يا حسام بجد مدونتك تخوف ومقالاتك ترعب بس احييك على شجاعتك يا ابني انت انسان محترم جداً وشجاع جداً

    ردحذف
  3. و الله العظيم يا استاذ حسام انت اشجع كاتب في الدنيا ت

    ردحذف
  4. "شر الحكام الذي يخافه البريء ويأمنه المجرم" اجمل حكمة سياسية قرأتها اشكرك يا استاذ حسام واتمنى لك الاستمرار على هذا المنوال فمقالات تتميز بافكار رائعة واطروحاتك مميزة مميزة واسلوبك في الكتابة سلس وممتع برغم تحفظي على بعض الالفاظ الغير لائقة وسامحني على صراحتي معك وارجو ان يتسع صدرك لما قلته
    اخوك دكتور حسن عبد الفضيل

    ردحذف
  5. عزيزى الاستاذ حسام عذرا على اتفاقى معك فى بعض الاشياء واختلافى الشديد معك فى نواحى اخرى من حقك ومن حق اى فرد فى اى مجتمع ان يعارض نظام الحكم ولكن الا ترى ان الصورة المستخمة المتمثلة فى التعبيرات والالفاظ لا تليق بك ككاتب جيد وانا معجب جدا بمقالاتك وطريقتك فى الكتابة بحكم وظيفتى وهى الصحافة وبالمناسبه انا حزب الغد
    معارض بصورة اوربية

    ردحذف
  6. على فكرة يا حسام ، فى رأيك الشخصى هل ينتهى فيلم حسنى مبارك نهاية سعيدة ويتزوج البطل من البطلة ويعيش الشعب فى سعادة وهناء ؟
    بأمارة إيه ، الشيوخ وباعوا وقبضوا ، التلفيين بيمشوا مغمضين عشان ميشفوش الفساد الذى وصل إلى ( كل بيت ) ، أما المجموعة التى تعمل فى دول الخليج وتكتب فى المتديات فهم يطبقون نظرية نفسي نفسي ، بالذمة دى دولة تستحق الحياة ، كم الظلم والفساد الذى يحدث فى مصر يدل على أن الشعب المصرى مات ، المشكلة الغريبة أننى وجدت نفس الشىء يحدث فى المغرب والجزائر وفى معظم البلاد العربية ،

    ردحذف
  7. أنت مواطن عربي من النوع المهدد بالانقراض. كم نحن جميعا في حاجة الى أمثالك قبل أن ننتهي في مزبلة التاريخ

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...