ضربوا الأعور على عينه

يموت المصريين في طوابير الخبز اليومية دفاعاً عن لقمة العيش ومع ذلك لا يعترضون ولا يثورون ولا يتظاهرون دفاعاً عن أرواحهم المهدرة، يموت الآلاف غرقاً دون ان يسجن أو يعاقب من اغرقهم ومع ذلك فالمصريين لا يعترضون ولا يثورون ولا يتظاهروت دفاعاً عن تدني سعرهم وهوانهم على مبارك والقانون

إلى هذا الحد بلغت بنا المهانة والهوان، هل أصبحنا بعوض أو ذباب فلم يعد يكترث لأمرنا أحد، نعم هذا هو واقع الحال لأننا نحن الذين رضينا بالهم ومع كل ذلك فالهم لم يرضى بنا، رضينا بمبارك وسكتناله فدخل بحماره، رضينا أن نذل ونقمع على يد الجلاوزة الأشاوس الأسود علينا وفي الحروب نعامة وأعنى بهم رجالات الأجهزة المسماة أمنية زوراً وبهتاناً بينما هي بكل تأكيد أجهزة قمعية إرهابية تخصصت في قمعنا وقهرنا وإرهابنا سواء صمتنا أم إعترضنا، نحن مقموعون ومقهورون بكل الطرق والكباري سواء رضينا أم لم نرضى

وكما قال الشاعر أحمد مطر في أحد قصائده " لا ذنب لنا، لا ذنب لنا نحن الذنب" وبالفعل نحن الذنب لأننا نعلم جيداً أن واقعنا لن يتغير من تلقاء نفسه ونعلم جيداً أنه لن يحترم حاكم شعبه طالماً هذا الشعب من نوعية "اللي يتجوز أمي أقول له ياعمي" ولن يحترمنا حاكم طالماً إعتقدنا بأن منصب الرئيس الملك السلطان الأمير الخليفة هو منصب الهي مقدس وأن الله قد إختاره لهذا المنصب وانه لا يجوز التظاهر في وجهه ولا الثورة عليه ولا إنتقاده لأنه يحكمنا بإسم الله وبإسم العمامة وبإسم العسس وبإسم النبي حارسه وصاينه وضامنه ننوس عين أمه

نحن الذنب لأننا نسمح لأشباه الرجال أن يبثوا سمومهم في عقولنا بل نتطوع بمحض إرادتنا لترويج هذه السموم بأنفسنا ونقتنع بدعاواهم وإدعاءاتهم وتخرصاتهم الزائفة التي تقول بأنه "كيفما تكونوا يولى عليكم" وأنه يجب أن نصلح من أنفسنا أولاً كي ينصلح حال حكامنا، هذه الأفكار هي العدو الأكبر لأي تغيير وهي العدو الأول للشعب لأنها تصرف نظر الشعب عن الحاكم وتوجه نظر الشعب لإنتقاد نفسه وتترك الحاكم يرتع في سرقاته وفساده وقمعه وديكتاتوريته

معظم مثقفينا للأسف قد تبنى هذا الفكر ويروج له بحماسه متناهية كما لو كان شعبنا هو المسئول عن إختيار مبارك وكما لو كان شعبنا قد أجبر مبارك على أن يكون مبدأه الأساسي هو "نفسي نفسي ولو هلك كل الشعب"، وكما لو كان الشعب المصري هو من أجبر مبارك على أن تكون طريقته في إختيار الوزراء والمسئولين هي الولاء لا الإنتماء، وكما لو كان الشعب المصري هو من لوي يد مبارك لتنفيذ سياسته الحكيمة في السيطرة على الشعب وذلك بإتباع منهج "إضرب المربوط يخاف السايب"، وكما لو كان المصريين هم من أقنعوا مبارك بتطبيق منهج "إنهب كما تشاء شرط ألا يراك أحد"، يا أخوتي وأخواتي في الوطن نحن لسنا سوى شركاء لمبارك وعصابته ونحن شاركناه بصمتنا وخنوعنا وخوفنا رغم أننا ثمانين مليون وهم يعدون بالمئات أو بالآلاف، نحن من نطيعهم نحن وقود نيرانهم نحن جنودهم وموظفيهم، ونحن أيضاً نملك تقويض هذا الحكم في إسبوع واحد لو لزمنا بيوتنا ولم نخرج للشوارع، ونحن بيدنا الحل لكل مشاكلنا لكن ليست لدينا الرجولة والإرادة لتنفيذ هذا الحل، "العصيان المدني هو الحل" وأكررها "العصيان المدني هو الحل"، وأعيد تكرارها "العصيان المدني هو الحل"، فماذا سنخسر لو جربنا هذا الحل وعلى رأي الحكمة الشعبية الشهيرة "ضربوا الأعور على عينه قال لهم خسرانة خسرانة".

حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 5 تعليقات:

  1. ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأنا أراك تحاول جاهداً دفع المواطنين لتغيير أنفسهم وهذا جهد أحسدك عليه وأسأل الله أن يجعله في ميزان أعمالك
    علي عبد الناصر

    ردحذف
  2. والله فعلا لا ذنب لنا لاننا نحن الذنب يسلم كيبوردك يا حسام ويسلم مخك النضيف

    ردحذف
  3. برضه متابع معاك لما اشوف هيمسوك الاول ولا هيمسكوني معاك.. ممتاز كالعادة يا استاز حسام وربنا معاك ويسلمك من كل شر وينصرك على من يعاديك

    ردحذف
  4. غلطت في كلمة هيمسوك والصح هيمسكوك

    ردحذف
  5. عير معرف الاولاني وكمال وغير معرف التاني
    شكراً لكم وتقبلو تحيتي واحترامي

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...