حاكم ظالم شعب جبان، إشكالية الشمبرة المتشحورة نمطياً

الغالبية العظمى من الخبراء السياسيين يعتبرون أن الممارسات الإرهابية للحكام الطغاة تلعب دوراً هاماً ومؤثراً في تزايد المشاعر الإنهزامية في نفوس المواطنين وهو ما يترتب عليه ان المواطنين يضطرون للخضوع لهؤلاء الطغاة والإستسلام لسلطاتهم والإستماتة للدفاع عن هؤلاء الحكام الطغاة تحت تأثير الخوف والقهر والإستبداد والإضطهاد، والمعادلة المثلى لنمو وتسرطن وتغول أي نظام حكم ديكتاتوري هي كالتالي، حاكم فاسد ظالم + شعب مستسلم للفساد والظلم = دولة إستبدادية قهرية رجعية متخلفة علمياً وسياسياً وإجتماعياً من الطراز الأول
على الرغم من إنتشار الثقافة والتحضر في معظم ربوع وفيافي وقفار الكرة الأرضية، وعلى الرغم من أن الدنيا أصبحت أشبة بقرية صغيرة بسبب التطور التكنولوجي الرهيب وسرعة تناقل الأخبار والآراء بطرق عديدة متنوعة أشهرها القنوات الفضائية والإنترنت والهواتف النقالة وأخيراً عبر اجهزة اللاب توب المزودة بوصلات إنترنت تعتمد على تقنيات الجيل الثالث من شبكات الهاتف المحمول، وبرغم كل هذا التطور إلا إن أغلب دول المنطقة العربية تخضع بشكل أو بآخر لأنظمة حكم بحكم تكوينها وأساليبها وقوانينها تعتبر أقرب إلى أنظم حكم عصور الظلام
ففي مصر على سبيل المثال نجح حسني مبارك خلال ثمانية وعشرون عاماً في وأد مشاريع صناعية وزراعية وتنموية أقامها حكام مصر السابقين، فبعد أن كانت مصر تعمل على تطوير محرك طائرة في مشروعها المشترك مع الهند تم إيقاف العمل في هذا المشروع وأصبحنا دولة عظمى في تصنيع بلاط السيراميك، وبعد أن نجحنا في صناعة السيارة المصرية البدائية رمسيس لكن نحن الآن بكل الفخر من الدول الكبرى في تصنيع زيوت الطعام، وبعد أن كانت لدينا صناعة بطاريات سيارات وطائرات وطنية تم بيع الشركة المصنعة للبطاريات وأصبحنا من أكبر واعظم وأشطر دول العالم في تعبئة الشاي السيلاني والكيني في مصانعنا التي بكل الفخر نجحت في عهد الرئيس مبارك في إبتكار توليفة شاي مصرية مفتخرة بعد أن تبين لشركات تعبئة الشاي أن نشارة الأخشاب المصبوغة باللون الأسود تعطي للشاي الأصلى نكهة خشبية فريدة وتجعل من يتناول كوب شاي يشعر بأنه متمسمر في الكرسي وأحيانا مع توالي شرب الشاي المخلوط بالنشارة يشعر المتعاطي كما لو كان جسده قد إلتصق بالغراء مثل أي لوح خشبي أصيل، وبعد أن كانت لدينا مصانع حربية محترمة وعلى قدر عالي من التميز إلا إننا أصبحنا اليوم نجد أن مصنع الطائرات بجلالة قدره بينافس أي محل تجميع أجهزة كمبيوتر لأنه لم يعد يعمل في مجال تخصصه الأصلي وهو تصنيع قطع غيار محركات الطائرات بل يجمع أجهزة كمبيوتر ويبيعها، مصنع الطائرات التابع للهيئة العربية للتصنيع بيقوم النهاردة بتجميع تلفزيونات ملونة وبيقوم بتجميع أجهزة منزلية زي التلاجات والبوتجازات والسخانات والمرواح
من كل قلبي أقول لحسني مبارك عفارم عليك يا مبارك بجد خربتها وقعدت على تلها، خطتك نجحت يا مبارك والنهاردة بكل الفخر عندنا خريجين جامعة بيفكوا الخط بطلوع الروح وعندنا خريجي جامعة ما يعرفوش الألف من كوز الدرة، شكراً يا مبارك لو حكمنا شارون أو نتنياهو ما فعلا بنا مثل ما فعلته أنت فينا فقد قتلت البحث العلمي في مصر ووأدت كل الصناعات الحيوية وطفشت النابغين بعد أن يأسوا من أن تحترم عقولهم وأفكارهم وإختراعاتهم في البلد التي ينتمون إليها لكنهم قوبلوا بالترحاب في أمريكا وأوربا وعوملوا المعاملة التي تليق بهم
شكراً يا مبارك فمصر على يديك إتدحضر بها الحال وإتكحرتت وإتشحورت وإتشمبرت وأصبحت في قاع أي قائمة بإستثناء قائمة الفساد التي نحتل المركز الأول فيها عن جدارة والفضل كله لك ولزمرتك، شكراً لك يا مبارك فقد قمت بواجبك وزيادة وخدمت أعداء البلاد خدمات جليلة فقد نجحت في أن تشرد ثلاثة ملايين مصري مابين طفلة وشاب إلى رجل آخر ضحاياك من المشردين هو رضيع ملقى على كوم زبالة في الحي السادس بمدينة نصر في قاهرة المعز أول أمس الموافق 28 يوليو 2009 وقد تكالبت على جسد الرضيع الكلاب والقطط الضالة تكالب الأكلة على قصعتها ومزقت جسده بوحشية تليق بعهدك الغير مبارك، شكراً يا مبارك لأنه اليوم بكل الفخر لدينا ثلاثة ملايين مشرد في مصر يسكنون أسفل الكباري وعلى أرصفة الشوارع، ثلاثة ملايين مشرد يفترشون علب الكارتون واجولة الخيش وأكياس البلاستيك ويلتحفون السماء بينما تنام أنت قرير العين تنهال عليك لعنات المظلومين، شكراً يا مبارك والشكر موصول لكل الجبناء الساكتين عن قول الحق والذين أعانوك بصمتهم وجبنهم على أن تفعل فينا ما لم يفعله فينا أي عدو أو محتل، شكراً يا مبارك والشكر موصول لكل زعماء وقادة المعارضة المدجنين الذين يؤيدونك جهراً أو سراً والذين يعارضونك بالنهار ويقبضون منك في الليل ثمن معارضتهم الزائفة، شكراً يا مبارك فقد نهبت ثرواتنا وأهدرتها وأفقرتنا وسممت ولوثت مياة نيلنا بمخلفات مصانع الكيماويات، شكراً يا مبارك فقد سرطنت أراضينا على يد ربيبك يوسف والينا وقد اغرقت أهالينا على عبارات صبيك ممدوح إسماعيلينا، شكراً يا مبارك فقد حرقت الصعايدة في قطار الصعيد وفي مسرح قصر الثقافة ونجحت في إنقاص عدد سكان مصر عدة آلاف من الفقراء الذين تحتقرهم وتستنكر عليهم الحق في الحياة، شكراً يا مبارك فقد قتلت أبناء الشعب البسطاء وهو يناضلون ويستميتون في طوابير لا نهائية وقفوا فيها وماتوا فيها أثناء جهادهم الغير مقدس للحصول على رغيف الخبز
لو قف هذا الشعب بنفس هذه الحمية والحماس في طوابير أمام قصرك المنيع لكي يبلغوك فقط أنهم لا يجدون لقمة العيش وأنهم غير راضين عن حكمك لكان هذا أولى بهم والشئ الذي غاب عن عقولنا جميعاً هو انه من المستحيل أن يستطيع أي نظام حكم مهما بلغت به الوقاحة والبجاحة والسفالة والعمالة ان يحبس ويسجن شعباً بأكمله داخل السجون والمعتقلات التي لن تكون بأي حال من الأحوال أسوأ من السجن الكبير الذي تسجن وتعتقل فيه الشعب المصري وهو سجن جدرانه خليط من الخوف والجبن والإستكانة والإنبطاح، والعجب كل العجب منك يا شعب مصر يا من تخشى الموت وأنت تعيش حياة هي بكل المقاييس أسوأ من الموت ويا من تخشى السجن أنت تعيش داخل سجن كبير ويا من تخشى الأذى أنت بالفعل تتاذى في اليوم الواحد عشرات المرات وباشكال مختلفة في طوابير الخبز وفي القطارات والعبارت وفي الشوارع المظلمة التي عجز الأمن المنشغل بحماية الحاكم عن تأمينها لك وتتأذى في اقسام الشرطة على يد ظباط الشرطة المنوط بهم حمايتك وأمنك، لله در أبو القاسم الشابي في قوله "ومن يتهيب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحفر"
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 6 تعليقات:

  1. كالعادة تتحفنا بمقال ينضح بالكراهية الشديدة لمصر حكومة وشعباً واتعجب ما هي أهدافك من هذه المدونة وما الذي تتوقع حدوثة
    ناصح أمين

    ردحذف
  2. فعلا يا استاذ حسام مشكلتنا هي جبن الشعب بيشجع الحكام على انهم يظلمونا ويسرقونا ويبيعونا ويعتقلونا بجد نيابة عن كل مواطن محترم اشكرك على مقالاتك الشجاعة

    ردحذف
  3. فعلا لو حكمنا شارون أونتنياهو لما فعلوا بنا ربع ما فعله هذا الطاغية وزبانيته
    تحياتي يا حسام

    ردحذف
  4. غير معرف الأولاني
    أهدافي معلنة وواضحة بعكس أهداف مبارك الخبيثة وأهداف دلاديله بتشويه كل صاحب رأي حر وإبق تعالى كل يام يا ناصح

    ردحذف
  5. غير معرف التاني
    شكراً على تعقيبك وتحيتي لك ولكل مواطن محترم في مصر

    ردحذف
  6. مايكل
    منور المدونة يا مان على فكرة أنا بعت لك التاج وورينا بقا همتك وجاوب عليه

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...