القوادة السياسية والإستخباراتية في مصر .فداحة المنجز وسفالة الأساليب 3

قبل ان أسرد ملابسات المضايقات والضغوط التي مارستها اجهزة الاستخبارات المصرية على مصطفى بخيت أود أن الفت النظر لحقيقة قائمة في عوالم المخابرات بمعظم دول العالم ألا وهي إتباع أجهزة الإستخبارات لمنهج التأثير على نفوس من يتم تصنيفه بأنه عدو لهذه الأجهزة بهدف زعزعة ثقته في نفسه وفي من حوله والتي يترتب عليها إصابة المستهدف بالبارانويا ومن ثم ينتهى أمره بالجنون او الإنتحار للتخلص من آلامه النفسية
ولقد جاء في كتاب "الانتقام" للصحفي الكندي جورج يوناس الصادر عام 1984 وهو المصدر الرئيسي الذي اعتمد عليه ستيفن سبيلبرج في قصة فيلم ميونخ الشهير، وفي الكتاب الذي يروي اعترافات "آفنر" احد افراد الموساد والحارس الخاص لرئيسة الوزراء الاسرائيلية السابقة جولدا مائير والذي تم تكليفه بان يقود المجموعة المسند إليها تصفية وإغتيال ناشطين في منظمة التحرير الفلسطينية كرد إنتقامي من الدولة الاسرائيلية بقيادة رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مائيرسون الشهيرة بجولدا مائير على عملية خطف الرياضيين الإسرائيليين المشاركين في دورة الألعاب الأوليمبية في ميونخ عام 1972
بعد ان قام آفنر بإغتيال العديد من الفلسطينيين الأبرياء يطرأ تحول كبير عليه حيث يشعر في قرارة نفسه بمدى وحشية الإرهاب الذي تمارسه الدولة الصهيونية وأجهزتها الأمنية بقتلها للابرياء العزل في سبيل توطيد أركان دولة مغتصبة من أصحابها الأصليين وهم الفلسطينيين ،قرر آفنر عدم إستكمال تنفيذ هذه المهمة الإرهابية وأبلغ قياداته بإعتزاله القتل والعمل الإستخباراتي فوافقوا على إعتزاله ثم يذهب آفنر مع اسرته للولايات المتحدة الأمريكية ليقيم في إحدى مدنها
في أمريكا لاحظ آفنر بعض الاحوال المريبة، كإلقاء قمامه امام مدخل جراج سيارته بصفة مستمرة خاصة عندما يغادر مع أسرته المنزل فيعود ويجد أكوام من القمامة مكدسة أمام باب الجراج، وأيضاً لاحظ كثافة ظهور مندوبي المبيعات الذين يطرقون باب منزله في أوقات غريبة وإلى ما بعد منتصف الليل يعرضون فيها بضائعهم عليه وأيضاً يطرق أغراب على باب منزله ويسألون عن شخصيات وهمية ليست من سكان الشارع والمنطقة التي كان يسكن فيها

وأخيراً يكتشف آفنر أن هناك من يتبع خطواته وخطوات زوجته وابنته الطفلة في كل مكان يذهب إليه وكان الهدف هو ترويع آفنر بإصابته بالخوف على نفسه وأسرته من الإغتيال، ونظرا لسابق خبرات آفنر بالموساد ومعرفته بحيلهم ومخططاتهم القذرة فقد سافر بنفسه لإسرائيل وذهب لمقابلة قياداته في الموساد وهددهم مالم يتوقفوا عن إتباع تلك الأساليب القذرة معه فهو مضطر للرد عليهم بالإسلوب الذي يفهمونه وأنه سيعود لممارسة الإغتيال ولكن هذه المرة ستكون أهدافه شخصيات إسرائيلية،إعتذرت قيادات الموساد عما حدث لآفنر وتحججت بأن ما كان يحدث له تم بدون علمها، ووعدوه بأن يتركوه ليعيش حياته بالكيفية التي يراها وشكرهم آفنر وودعهم وعاد لإسرته وبالفعل توقفت تماماً كل الممارسات والمضايقات التي كان يتعرض لها وعاش آفنر ليروي تجربته كاملة للصحفي الكندي جورج يوناس الذي نشر إعترافات آفنر في كتاب أطلق عليه إسم "الحقيقة" صدرت طبعته الأولى عام 1984

ونعود لنتعرف عما حدث لمصطفي بخيت المصري المقيم مع زوجته وأبناؤه في ملبورن بإستراليا، عقب أن نشرت الصحف المصرية الصادرة في استراليا وبعض الصحف الاسترالية المحلية حكايته قامت مخابرات مبارك بإرسال احد عناصرها إلى ملبورن للتفاهم مع مصطفى بخيت، وبالفعل عقد العنصر لقاء مع مصطفى داخل أحد مساجد ملبورن وصارحه مصطفى بأنه على أتم إستعداد للتعاون معهم مقابل أن يتوقفوا عن مضايقته وإيذاؤه هو وأسرته فوعده الرجل بأن يرد عليه بعد أن يتصل بالقاهرة
كان مصطفى يتعرض لتهديدات مستمرة عن طريق التليفون أو عن طريق إتصال مباشر من عملاء مخابرات مبارك أو من اجانب يتم تجنيدهم فقط لتوصيل تهديد أو رسالة شفهية لمصطفى وكان هو وزوجته وأولاده عندما يخرجون من المنزل يتم إتباعهم بالسيارات ومضايقتهم بأساليب عديدة مما أثر كثيراً في نفوس مصطفى وعائلته وبالتالي فهو كان بالفعل على اتم استعداد لإسترضاء مخابرات مبارك والتفاهم معهم حفاظا على اسرته، وفيما بعد تعرضت إبنة مصطفى بخيت لحادث كاد أن يتسبب بوفاتها قتلاً تحت عجلات سيارة والدها بتخطيط من مخابرات مبارك وهذا الحادث يبين لنا مدى جدية المضايقات التي كان يتعرض لها مصطفى وأسرته قبل هذا الحادث الذي تم في أواخرعام 2002وهذه تفاصيل الحادث كما رواها مصطفى بخيت
قابلنى فاعل خير من تنظيم مبارك السرى وحذرنى من خطه لخطف آحد اولادى وذهبت فورآ لأمن الدوله الأسترالى وابلغتهم واخذت الحذر على اولادى بعدم تركهم يخرجون بدونى او بدون زوجتى.
(لم يكن فاعل خير كما كان يعتقد مصطفى بل كان مجرد عميل يمثل دور فاعل خير ينقل له تحذير بخطف أحد أبناؤه ليبث الرعب في قلبه وتحضيره نفسيا لمحاولة الخطف التي ستتم فيما بعد)
فى يوم السبت 21 سبتمبر 2002 حوالى الساعه الرابعه مساءآ اى بعد يومين من تحذير فاعل الخير خرجت مع بنتى لتشترى طلبات لها وانا سائق السياره وبنتى جالسه بجوارى متجهين من شارع معروف جدآ وهو معظمه محلات عربيه لبيع كل المنتجات العربيه اسمه سيدنى رود فى حى برنذويك- بملبورن.
طلبت بنتى ان اقف بالسياره امام بنك الكومنولث على ناصية شارع سيدنى رود.. وشارع فيكتوريا ..ومدخل البنك من سيدنى رود وانا وقفت فى مكان انتظار السيارات فى نفس الشارع على بعد100 متر سحبت بنتى الفلوس من البنك وفوجئت بها تصرخ بابا بابا بابا
رأيت هذا الندل الجبان شدها من ملابسها عند رقبتها بيده اليمنى وركب السياره ليسوقها بيده الشمال وباب القياده بتاعه مفتوح كان يتوقع منى ان اسوق سيارتى خلفه حتى يترك بنتى تحت عجلات سيارتى واتحمل وفاتها لكن ربنا ألهمنى بترك سيارتى والجرى خلفه..فبعد سحبه البنت مسافه صغيره تركها فى عرض الشارع قبل ان يتم هذا العمل الأرهابى كان معه فريق من الأرهابيين حجزو جميع السيارات من الأتجاهين لتسهل له ارهابه فى شارع فاضي من السيارات ..لكن الشارع لم يكن فاضى من البشر
وتطوع اهل الخير بطلب الأسعاف وبوليس النجده وانا حملت بنتى من وسط الطريق الى كرس على رصيف الشارع واطمأنيت على بنتى وابلغتنى ان المجرم آخذ منها الفلوس، طبعاً فعل هذا حتى تكون القضيه بطابع السرقه.. لكن مفيش حرامى هايستعرض نفسه ويأخذ فلوس ويجرجر البنت فى وسط الشارع ويفتخر بنفسه وبأرهابه ويقود سيارته وباب القياده بتاعه مفتوح
تطوع اهل الخير للشهاده فى المحضر من اشخاص من الواقفين وعددهم 6 افراد..لكن بعد ان كتب لى الشهود بياناتهم بنفسهم فؤجئت بمن يحرضهم بسحب بيناتهم وعدم شهادتهم واكتفيت بأثنين وافقو على الشهاده
حضر البوليس واخذ بيانات الشهود ولم يدونها فى المحضر وذهبت بنتى المستشفى بالإسعاف وتم عمل اللازم لها لقد آخذت من الشرطه صوره للمحضر ورغم كل الدلائل بيانات السياره وشهادة الشهود..لكن صورة المجرم من كاميرة البنك لم استطيع الحصول عليها..وحضرت صحيفة الصن هارد وبعد ذلك لم ينشر الخبر بسبب تدخل مخابرات فرعون مصر مبارك
المؤكد أن معظم أجهزة المخابرات في العالم تتعاون فيما بينها وتؤدي خدمات لبعضها ولهذا يمكنك أن تدرك أن مخابراتنا المصرية استطاعت اقناع الاجهزة الاستخباراتية في استراليا بالتعاون معها في سبيل تنفيذ هذا التخويف وبالطبع لم يكن الغرض هو خطف ابنة مصطفى بخيت او قتلها لأن استمرار حياتهم في خوف دائم أكثر نجاعة من قتل أو خطف أحد افراد الأسرة ولهذا تهاون البوليس في تسجيل اسماء شهود الواقعة وأيضاً تعذر استخراج صورة الجاني من كاميرا المراقبة الخاصة بالبنك وبالتالي لم يتم القبض على الجاني وأيضا لم تنشر الصحيفة المحلية عن الحادث برغم حضور مندوب الجريدة ومعاينته لمكان الحادث وسؤاله للمواطنين عن ما شاهدوه
إن مثل هذه الملابسات المفضوحة تذكرنا بحادث إلقاء الفنانة سعاد حسني من شرفة شقتها بالعاصمة الإنجليزية لندن وقد تعاون البوليس الإنجليزي لأقصى حد مع أجهزة الإستخبارات المصرية وأكد بأدلة مشكوك تماماً في صحتها ومصداقيتها بأن الفنانة الراحلة ألقت بنفسها منتحرة بينما المستفيد من وفاة سعاد حسني هو العقيد ص... الشريف الشهير بـ "موافي" الذي تخلص بوفاة الفنانة سعاد حسني من تهديداتها له بكشف سره وفضحه على رؤس الأشهاد وتعريف الاجيال القادمة بالحقيقة الغائبة الخائبة
في الجزء الرابع من هذه المقاربة البحثية سنعرف اسرار الحديث الذي دار في اللقاء الثاني بين مصطفى بخيت وعنصر مخابرات الرئاسة المنتدب للتفاهم معه
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 4 تعليقات:

  1. عم مرعي بتاع الكلماالأحد, أغسطس 30, 2009 12:29:00 ص

    الموضوع سخن وعاجبني جدا تنقلك بين المواقف المختلفة.. متابعين معاك يا حسام يا ابني وباين عليك طلعت مية من تحت تبن ودماغك متكلفة

    ردحذف
  2. يا نهار ابيض معقول الي بيحصل ده يا استاذ حسام احنا على كده مش عايشين في الدنيا. موضوع رهيب جدا ومع ان بيخوف لكن مفيد

    ردحذف
  3. أستاذ حسام بالنيابة عن كل افراد العيلة احييك على شجاعة مقالاتك... مواطن من ملوي مافظة المنيا

    ردحذف
  4. ملوي مركز بمحافظة المنيا بجمهورية مصر

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...