ودن من طين وودن من عجين

عملت إيه يا عمر معاهم
لسه منشفين دماغهم ومش عايزين يتنازلوا عن شروطهم يا فخامة الرئيس
إمتقع وجه الرئيس مبارك وتحول إلى اللون الأحمر الخراوي بينما كان يحاول كتمان غيظه بين أسنانه الصناعية، وطلب من عمر سليمان أن يتصرف لأن الإسرائيلين "واكلين وشه" بسبب الجندي جلعاد شاليط الأسير لدى حركة حماس منذ أكثر من ثلاثة اعوام، كان بعض النشطاء من حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ومعهم نشطاء اخرون قد شنوا هجوما على اسرائيل من قطاع غزة في يونيو عام 2006 ونجح الهجوم وتم قتل جنديين وأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وأثناء جلسات المفاوضات المصرية مع الفلسطينين كان عمر سليمان قد حاول مراراً وتكراراً تهديد وفد حركة حماس بأنه سيرسل قوات مصرية لإدارة قطاع غزة وإنتزاعه من يد حماس وقد قوبل كلام عمر بإستهزاء من أفراد الوفد الفلسطيني وقالوا لعمر "كان غيرك أشطر" في إشارة إلى فشل الجيش الإسرائيلي بكل تسيلحه الحربي الحديث وتجهيزاته التقنية الجبارة في السيطرة على قطاع غزة
إتصرف يا عمر الموضوع ده لازم يتحل في أقرب فرصه
مفيش قدامنا غير إننا نعتقل قيادات الإخوان المسلمين في مصر ونساوم حماس على الافراج عنهم قصاد إفراجهم عن شاليط بس الحكاية دي هتخلي منظرنا وحش قوي وفخامتك عارف إن سمعة النظام بين الناس مش كويسة
طيب ما تفبركو قضية، يعني انا هعلمك شغلك يا عمر
عرض عمر على الرئيس عده إقتراحات لبعض الأسماء التي سوف يتم إعتقالها ولكن الرئيس أصر على إسم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بإعتباره يمثل تهديداً لا يستهان به بسبب آراؤه السياسية المتفتحة وبسبب علاقاته الجيدة مع الأمريكان والأوربيين وبسبب نشاطه الحيوي في مجال تقديم مواد الاغاثة للفلسطينيين في قطاع غزة الذين يواجهون حصارا اسرائيليا منذ عام 2006 وقد إقتنع عمر سليمان بوجهة نظر رئيسه مبارك، بعد يومين وقبل فجر يوم 28/6/2009 تم مداهمة منازل كثير من الأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وتم إلقاء القبض على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد وأمين عام اتحاد الأطباء العرب والمستشار الدكتور فتحي لاشين الخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية والمستشار السابق بوزارة العدل والدكتور جمال عبد السلام مدير لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء والاستاذ عبد الرحمن الجمل مدير الشئون القانونية بإدارة المحلة التعليمية بالإضافة لعدد آخر من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور عبد المنعم ابو الفتوح هو عراب التيار الإصلاحي داخل جماعة الإخوان المسلمين الراديكالية ويحظي بدعم وتأييد كل التيارات السياسية في سابقة نادرة الحدوث بسبب إنفتاحه وتواصله مع كل اطياف المعارضة والمثقفين في مصر، بعد عشرة أيام من القبض على الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح وصل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى مصر في زيارة حل خلالها ضيفاً على اخيه الرئيس المصري محمد حسني مبارك "ورب أخ لم تلده أمه" كما تقول الحكمة الشهيرة، عند دخول بيريز إلى قصر الرئاسة في القاهرة قام باستقباله على السجاد الأحمر جنود حرس قصر الرئاسة وإلى جانبهم الرئيس مبارك ورئيس الوزراء أحمد نظيف ووزير الخارجية احمد أبو الغيط ووزير الإعلام أنس الفقي ورئيس المخابرات عمر سليمان، وقد عانق الرئيس مبارك الرئيس بيريز بحرارة وعبر له عن سعادته برؤية وجهه الميمون ثم اجتمع الاثنان على انفراد في جلسة عمل سياسية استمرت لأكثر من ساعة ونصف الساعة، أثناء هذه الجلسة عرض مبارك على بيريز تطورات القضية التي لفقتها مباحث أمن الدولة لقيادات الإخوان وعرض أيضاً عليه تطورات المباحثات مع حركة حماس، عبر بيريز عن عميق إمتنانه لجهود مبارك في خدمة دولة إسرائيل حكومة وشعباً وأعرب عن قلقة من إحتمال عدم رضوخ قادة حماس للمساومات التي يطرحها عليهم الوزير عمر سليمان، وحتى هذه اللحظة لازال الوزير عمر سليمان يمارس ضغوط شديدة على قادة حماس التي قد يختلف البعض معها سياسياً لكن يتفق الكل عليها كحركة مقاومة شرعية ناضلت وجاهدت من أجل اشرف وأعدل قضية عربية على مر التاريخ ألا وهي القضية الفلسطينية، بينما نظام مبارك الذي قد نختلف معه سياسياً ولكن يظل إجماع كل الوطنيين الشرفاء على إعتبار أن إسم حسني مبارك هو مرادف للفساد والخيانة والعمالة والإرهاب والإجرام واللصوصية والعهر السياسي والتزوير والتلفيق والقمع وإهدار ثروات الوطن وإفقار وتجويع المواطنين الساكتين المستكينين المطرمخين النائمين على ودن من طين وودن من عجين.
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :