قلب مبارك الواسع

بالأمس السبت الموافق 27 يونيو خضت تجربة من اجمل التجارب اللي مريت بيها في حياتي، إستجبت لدعوة الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد وحضرت إحتفالية تأبين الفتاة الإيرانية ندا التي قتلت بالرصاص أثناء تظاهرها إحتجاجاً على نتائج الإنتخابات الإيرانية، خرجت من بيتي وانا طاير من الفرحة لعدة أسباب، السبب الأولاني أو اولاً هذه أول مرة لي في حضور مناسبة سياسية جماهيرية، ثانياً مجرد التواجد مع الدكتور أيمن نور في أي تظاهرة أو وقفة أو إحتفالية هو بكل المقاييس شرف كبير لكل من يتواجد معه ولم أكن لأضيع فرصة نيل هذا الشرف، ثالثاً كنت سعيداً للغاية لأني توقعت أن ألقى مصرعي بشكل أو بآخر للتخلص مني ومن مقالاتي ومواضيعي التي أسخر واهاجم فيها مبارك وأسرته وميلشياته البوليسية ولو حدث هذا للقيت ربي شهيداً مسالماً ويدي لم تتلوث أبداً في يوم من الأيام بدماء أي فرد من أفراد عصابة مبارك، وعلى الرغم من أن الإحتفالية على المستوى العام لم تكن تمثل أي تهديد لنظام مبارك وعلى الرغم من توقعي بأن يكون التواجد الأمني غير كثيف لكني أيضاً توقعت اني ربما أنال ضرباً مبرحاً أو أسحق تحت اقدام جحافل ميليشيات مبارك كنوع من الترهيب بس على مين يا بتاع الفركيكو ولا بتفرق معانا الأفلامنات دي والحمد لله كره مبارك ونظامه معشش جوايا بقاله اكتر من خماشر سنة وأنا كمان عنيد جداً جداً بشكل لا يخطر على عقل هؤلاء البلهاء، وللأسف لم تصدق أياً من توقعاتي فلم أقتل ولم أضرب وهذا لعمري شئ غريب خاصة إذا عرفت أن حجم التواجد المكثف لقوات الأمن ولرجال الشرطة وخاصة أعداد الكلاب البوليسية التي يطلق عليها خطأ مسمى أمن الدولة، وصلت حوالي السادسة والربع قبل ربع ساعة من موعد الإحتفالية ورأيت ناقلات الجنود الكثيرة التي أحاطت بمقر حزب الغد في ميدان طلعت حرب كان المشهد يوحي بأن هناك حرباً ما ستدور في الميدان بعد قليل، بعد نصف ساعة أخبرني أحد الإداريين في الحزب بالتوجه لشارع شريف حيث يقف الدكتور أيمن نور وباقي المحتفلين بذكرى ندا، ذهبت من فوري ووقفت مع الجموع في شارع شريف حوالي ربع ساعة ولم يكن العدد كبير كنا أقل من مائة وأثناء وقوفنا كان سائقي السيارات التي تمر في شارع شريف يتوقفون ويحيون الكتور أيمن نور ويدعون له بالفوز والتوفيق وإكتشفت مدى شعبية الدكتور أيمن نور ومحبة الجماهير له، ثم بدأت تباشير ظهور أصحاب الوجوه الكالحة والأقدام المفلطحة والرتب الصفيح وأعني بهم لواءات وقيادات وزارة الداخلية المصرية ومعهم مأمور قسم قصر النيل، سرنا مع الدكتور أيمن نور متجهين نحو مقر الحزب بميدان طلعت حرب بينما كان يسير خلفنا كتيبة لواءات وكانو أثناء إقتفائهم للمسيرة يبلغوا عبر أجهزة اللاسلكي قياداتهم الخفية بتفاصيل خط سيرنا، أثناء سيرنا علم الدكتور أيمن نور أن ميلشيات مبارك ألقت القبض على كل من شادى العدل و مشيرة و احمد عبد الجواد و صفا سليمان اعضاء حزب الغد، وقبل وصولنا إلى ميدان طلعت حرب وعلى بعد خمسة أمتار منه إنبثقت الأرض عن كتيبة من جنود فرعون أو ما إصطلح على تسميته بقوات الأمن أو الأمن المركزي، حوصرنا وتم عمل كردون لمنع تحرك مسيرة الدكتور أيمن نور المتجهة إلى مقر الحزب على بعد عشرون متراً فقط، كان المشهد أقرب ما يكون للوحة سيريالية ساخرة، جنود مدججون بالعصي السوداء ويرتدون ملابس سوداء وبيريهات سوداء وأحذية سوداء ربما بهت كل هذا السواد بشكل أو بآخر على قلوبهم المكتظة بالجهل والكراهية والسواد، بدأت في تهدئة الجنود المواجهين لي بإسلوب عقلاني وغير إستفزازي ليس عن جبن ولكن عن إقتناع بضرورة تحييدهم وكسب مودتهم حتى لا ينصاعوا للأوامر فقد كان معنا بعض الفتيات وبعض كبار السن، لاحظت أن ظابط صغير السن يضع على كتفه دبورة واحدة كان يقف في مقدمة الجنود كقائد ويعلم الله إني صادق في ما أقوله فقد كان هذا الملازم خائفاً ومرتبكاً في البداية ثم إطمئن قليلاً بعدما تأكد من أن المسيرة سلمية وأفرادها مواطنون صالحون أكتر من النظام الذي كان يدافع عنه، لحظة تضييق الكردون علينا توقعت أن يبدأ الضرب الذي قد أقتل أو أسحل خلاله لكن ويا لغرابة الأمر لم يحدث لي أي شئ، كان المشهد يشبه مشاهد الخناقات المصرية في الأحياء الشعبية وإذا لم تكن لك أي خبرات سابقة في التظاهر والممارسة السياسية فلا تخف الحكاية زي شكة الدبوس إعتبرها خناقة وتعالى في أي مظاهرة جايه وخليها على الله وبطل تخاف وتذكر أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ولو مكتوب لك تتصاب هتتصاب وانت قاعد قدام التلفزيون تتفرج على مظاهرة ولو مكتوب لك السلامة لن يصيبك أذى ولو كنت جوه قطاع غزة مش مظاهرة سلمية في القاهرة، المهم بعد كده ظهر أحد رجال مبارك وبدأ في مناقشة الدكتور أيمن نور الذي تعامل معه بشكل إحترافي وإتهم رجال الأمن بقطع الطريق وطالب منهم سرعة الإفراج عن المعتقلين فوافق الرجل بشرط صعود الدكتور أيمن ومن معه إلى مقر الحزب ووافق الدكتور على هذا الإجراء بشرط عدم التعرض لأي فرد من المتظاهرين ورفض الدكتور أن يتم خروجنا من الكردون إتنين إتنين واصر على أن نظل جميعاًً كتله بشرية واحدة غير قابلة للتفريق ونحن بالطبع لم نكن اسرى حرب حتى يطلب رجل مبارك هذا الطلب العجيب، الحقيقة إزداد إحترامي وتقديري للدكتور أيمن نور لموقفه الرائع والصلب خلال حواره مع رجل مبارك خاصة إصراره على إطلاق سراح أعضاء الحزب المختطفين، بعد ذلك صعدنا لمقر الحزب وألقى الدكتور أيمن نور كلمته على الحاضرين ثم تبعه الاستاذ جورج اسحاق منسق حركة كفاية ثم تبعهم ممثل حزب الجبهة وبعض المتحدثين الآخرين، ثم أخيراً حضر الأربعة المختطفين لمقر الحزب مما يعتبر نجاحاً للدكتور أيمن الذي اعلن خلال كلمته التي ألقاها على مسمع رجال الامن أننا لن نغادر مقر الحزب قبل أن يطلقوا سراح أعضاء الحزب المختطفين، كانت أسئلة كثيرة تقفز داخل عقلي أثناء جلوسي داخل قاعة الإحتفالية، ما الذي يخيف مبارك ونظامه من مسيرة وإحتفالية بسيطة للمتعاطفين مع قضية ليست لها أي صلة بالنظام، لحظتها أدركت أن السبب هو قلب مبارك الواسع، والواسع هنا صفة للقلب وبلاش قلة أدب إنت وهو، قلب مبارك الواسع هو الذي قرر أن يحتجز بداخله كل شعب مصر عشان كده كانو بيعصرونا وبيزنئونا في الكردون عشان يحبسونا داخل قلب مبارك، لكن الحمد لله الدكتور أيمن نور أنقذنا بمعجزة، ولكل جنود فرعون أهدي أغنية يازانيئني وجنبك فاضي

حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

هناك 4 تعليقات:

  1. انا قريت عن اللى حصل امبارح وهى حكومه بنـــت .... يلا بقى ربنا معاكم ومعانا وصبراً يا بنى اَدم فغداً إننا لمنتصرون ....


    مدونتك روعه

    ردحذف
  2. بلدنا على وشك الإنفجار وربنا يستر على المستقبل المجهول لمصر
    تقبل تحياتي

    ردحذف
  3. الله عليك الله يا سلام قول كمان يا سلام لو مصر فيها منك مليون مش كنا اتحررنا من زمان الله عليك الله يا حسام اسم على مسمى صحيح ودايما عامر يا مصر بالي زيك يارب بجد لي كتير معجبنيش حد وانت مفيش زيك حد وسامحنا لاننا مش ربعك ولا ثمنك وبنكتب تعليقاتنا واحنا غير معرفين وباسماء مستعارة اصل الجبن معشش فينا له سنين بس يمكن مدونتك تصحينا الله عليك الله

    ردحذف
  4. غير معرف التاني
    شكرً على كلامك الجميل واعذرني على تأخلري في الرد وتقبل مني كل الود

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...