دروس من الإنتخابات الرئاسية الإيرانية

إن أحزاب المعارضة المصرية وعلى رأسهم حزب الغد يجب عليهم الإستفادة مما قدمته لنا إنتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت يوم 12 يونيو 2009 من دروس وحقائق ودلالات وشواهد على جانب عظيم من الأهمية، فقد تبين للجميع مدى تأثير عامة الشعب الإيراني بفقراؤه ومهمشيه على هذه النتائج للدرجة التي دفعت المسئولين الأمريكيين للإعتراف علانية وصراحة بشعبية احمدي نجاد القوية، فقد نشرت جريدة المصري اليوم أول أمس الموافق 19 يونية تصريحات للسيد إدوارد ووكر السفير الأمريكي السابق في مصر وتل أبيب لمراسلة المصري اليوم في واشنطن الصحفية هبة القدسي، وقد جاء على لسان السفير ما يلي ( إن هناك شكوكاً تحيط بنتائج الإنتخابات، ورغم ذلك فإن هذا الفوز يثبت أن لدى نجاد شعبية كبيرة فى إيران )، هذا وقد إرتكب الإصلاحيون أخطاء عديدة ساعدت في تدعيم شعبية نجاد، فعلى الرغم من حداثة ومرونة وتحضر وواقعية المشروع الإصلاحي في إيران إلا إن سقطته الكبرى كانت في إعتماده الكلي على الشباب وخاصة شباب الجامعات ونسوا عن سهو أو عن سوء تقدير أن الشعب الإيراني أغلبه من الفلاحين الفقراء وأن العاصمة طهران وحدها يعيش بها في أحياء جنوب طهران فقراء ومطحونين ومهمشين يشكلون نسبة تزيد عن 60% من سكان العاصمة وهؤلاء يدينون بالفضل للرئيس أحمدي نجاد الذي قدم لهم خدمات عديدة على كل المستويات سواء شخصية او عامة، بينما التيار الإصلاحي غرته وجوه الشباب المتحمس والمنظم وأصوات هتافاتهم الهادرة ومسيراتهم وتظاهراتهم بالرايات الخضراء في ساحة فاناك وسط طهران وفي شوارع "ولي عصر" و "جوردان" و"إفريقيا" وفي منطقة "جماران" معقل كبار قادة الإصلاحيين في طهران حيث توجد منازل محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني وحسين موسوي، وقد تبين للجميع أن نجاد نجح في إكتساب ثقة الفقراء رمانه ميزان المجتمع الإيراني الذي يتشابه في تركيبته إلى حد كبير مع المجتمع المصري، وقد وضح للجميع أن الاصلاحيون فشلوا في تقدير معطيات مجتمعهم وبالتالي خسروا في الإنتخابات، وعلى مستوى الشعارات فشل التيار الإصلاحي في جمع الشعب حوله غالباً بسبب إستخدامه لشعارات نخبوية تجنح إلى الرطانة كشعارات "التعددية الحزبية" و "حقوق المرأة" و "تفعيل دور الشباب" و "الدفاع عن الحريات العامة" هذه الشعارات رغم جاذبيتها وأهميتها إلا إنها لا تمثل أهمية كبرى كشعارات أحمدي نجاد المناصرة للفقراء والتي أكسبته شعبية طاغية وقبولاً جماهيرياً لدى عامة المواطنين في إيران، فالمواطن البسيط كان يشعر في قرارة نفسه بأن التيار الإصلاحي يعني أولا وأخيراً بالطلاب والمثقفين فقط لاغير، أضف لذلك أن التيار الإصلاحي عبر تبنيه لقضية "إيران أولاً" والتي تعني أن ثروة إيران لا يجب تبديدها على المنظمات الخارجية كحزب الله في لبنان وحماس في غزة، وللأسف الشديد سرت بين العامة إشاعات غير صحيحة تقول بأن الإصلاحيين مدعومين من إسرائيل وأمريكا لتجفيف منابع تمويل ومساندة المنظمتين الوحيدتين التي تعتبران كالأشواك الدامية في قلب المشروع الأمريكي الصهيوني، وهذه الإشاعات ساعدت كثيراً على إستنفار غالبية الناخبين الإيرانيين وعلى إرتفاع معدلات الإقبال على الإنتخابات التي بلغت 85% لدعم الرئيس أحمدي نجاد الذي كان يمثل من منظورهم طوق النجاة الوحيد للشعب والدولة على حد سواء، أضف لذلك أن الإصلاحيين في مظاهرات الإحتجاج على نتائج الإنتخابات التى تركزت في شمال ووسط طهران بينما غالبية مدن وأقاليم وقرى إيران كانت تشهد هدوء ورضا بهذه النتائج مما أكد على أن الإصلاحيين نجحوا فقط في حشد الطلاب و المثقفين من سكان الأحياء الراقية في العاصمة طهران وفي هذه المظاهرات الحاشدة سمع الشعب أغرب هتاف ممكن أن يسمعه مواطن إيراني " الموت للديكتاتور" وهو هتاف كان مضحكاً للغاية حيث أن أشد الناس تطرفا في كراهية نجاد لن يطلق عليه أبداً لقب ديكتاتور حيث أن الرئيس محمود أحمدي نجاد لم يحكم سوى فترة رئاسية واحدة و بعد نجاحه في الإنتخابات فسوف تكون هذه هي فترته الثانية والأخيرة بحسب الدستور الإيراني الذي لا يسمح للرئيس سوى بفترتين رئاسيتين فقط لا غير، فهل يقاس نجاد مثلاً بديكتاتور حكم 28 عاماً ويطمع في توريث الحكم لإبنه، الدروس التي نتمنى أن يستفيد منها أحزاب المعارضة ومنها حزب الغد هي أن حماس الشباب وحده لا يكفي لإلحاق الهزيمة بتيار القهر والقمع المسيطر على مقاليد الحكم في مصر، لابد أن تتبنى المعارضة المصرية مشروعاً قومياً وطنياً لموائمة الخطاب السياسي الموجه للمواطنين في مصر وأتمنى أن لا يغفلوا أو يتغافلوا عن أهمية أصوات الفقراء والمهمشين في مصر والذي يملك أغلبهم بطاقات إنتخابية ليس عن وعي بأهمية المشاركة وإنما عن وعي بأهمية السعر الذي قد يتلقاه من غيلان وحيتان الفساد السياسي مقابل صوته الإنتخابي، وحين يحين الجد سيكون على هؤلاء الفقراء الإختيار بين مكسب مادي سريع أو بين ضرورة التكاتف مع الشباب وباقي فئات المجتمع المصري لتغيير نظام حكم قمعي فاسد ظالم حان أوان تغييره
حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...