نظرات في برنامج حزب الغد

رغم إن برنامج حزب الغد متاح للتحميل من صفحة جروب الفيس بوك على الانترنت إلا إنني دائما ما أسمع تساؤلات واستفارات من هذا أو ذاك عن برنامج حزب الغد، ببساطة وعلى بلاطة حزب الغد حزب ديمقراطي ليبرالي إجتماعي، والليبرالية مصطلح يشوبه الكثير من الغموض وتثار حوله الإتهامات والظنون دون وجه حق إذ يظن الكثيرون أن الليبرالية هي دعوة للإنحلال الخلقي والتفسخ الإجتماعي وهدم لكل القيم الدينية وهذه الإتهامات تعتبر من قبيل الظلم والإفتئات على الليبرالية الحقيقية، الليبرالية هي حالة من الحياد الإيجابي تجاه كل الأديان ومنها بالطبع الإسلام، وبالتالي فهي تهتم بحماية كافة الأديان دون تمييز بينها والليبرالية في المقام الأول تهتم بترسيخ مفهوم المواطنة بين كل سكان الوطن بما يسمح لجميع الأعراق والطوائف والديانات بالتعايش بشكل سلمي وبمساواة تامة، ويتضح لنا هذا من نص أول مبدأ من مبادئ حزب الغد الذي ينص على التالي "حق المواطنة يتيح لكل مصري أن يشارك بفاعلية وحرية في مسيرة العمل الوطني واتخاذ القرارات المصيرية التي تمس حاضره وغده ومستقبل أولاده. وأن الحرية والديمقراطية ووجود مناخ اقتصادي واجتماعي وثقافي وتشريعي مناسب يدعم الانتماء والعطاء" ونستنتج من هذا المبدأ أن حزب الغد هو حزب غير أيدولوجي، بمعني أنه من الممكن ان تكون مسلم وليبرالي ومن الممكن أيضاً ان تكون نصراني وليبرالي، الليبرالية هنا هي فصل الدين عن الدولة بمعنى إن الدولة تكون مدنية تتعايش فيها كل الديانات والأيدولوجيات في تسامح وإخاء ودون أي تعصب لطائفة على حساب الأخرى، وهذه ليست فكرة مناهضة للإسلام فقد كان الإمام محمد عبده يرى بأنه لا يوجد ثيوقراطية في الإسلام وكان يرى بأن منصب الحاكم والقاضي وغيرها من مناصب الدولة هي مناصب سياسية ولكن نظراً لظروف قرب الخلفاء الراشدين من الرسول ونظراً لتمكنهم من تعاليم الدين فقد ظن الكثيرون بأن الإسلام يدعو إلى الثيوقراطية وهذا غير صحيح والدليل على صحة ما ذهب إليه الامام محمد عبده فأنا أرى أن الخليفة عمر بن الخطاب هو أول حاكم من حكام المسلمين يستخدم سلطاته السياسية في إصدار الكثير من القرارات المدنية التي تتعارض وتتقاطع بشكل أو بآخر مع نصوص دينية قاطعة الدلالة مما يعطي مصداقية لفكرة أن المناصب في الإسلام مدنية سياسية وليست دينية، والمعنى بشكل أبسط أن الدولة المدنية لا تتحيز لأي دين وفي نفس الوقت لا تضهد أي دين عكس ما يحدث الآن من مطاردة وتضييق ومحاكمات عسكرية قمعية للإسلاميين وكذلك الظلم للأقباط في إنكار حقوقهم في بناء الكنائس والتضييق عليهم في تولى المناصب السياسية وغيرها من مظاهر الإضطهاد التي تقوم بها سلطات نظام مبارك القمعي ضد كل المواطنين على حد سواء، لذلك أرى أن الليبرالية ستكون هي السبيل الوحيد للتصدى لنظام الحكم القمعي الذي نرزح تحت نيره منذ حوالي ثمانية وعشرون عاماً، وبصفة عامة تعتبر الديمقراطية الليبرالية غير معادية للدين، علماً بأن حزب الغد يسعى للإصلاح الشامل المتكامل للدولة المصرية بداية من تبني مشروع دستور جديد يتوافق مع العصر الحالي بغرض إصلاح الحالة السياسية الراهنة، ولا يجب أن يغيب عن أذهاننا ان مشروع الدستور الجديد الذي يتبناه حزب الغد ينص في مادته الأولى على التالي " مصر جمهورية نيابية برلمانية ذات سيادة كاملة، وهي حرة ومستقلة ونظامها ديمقراطي، واللغة العربية لغتها الرسمية، والشريعة الإسلامية مصدر التشريع الرئيسي بحيث تكفل التشريعات حرية المواطنين في الرأي والتعبير والعمل والكسب لكافة الحريات والحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والشعب هو مصدر السلطات، يمارس سيادته ويحميها ويصون وحدته الوطنية ويسعى للوحدة إفريقياً وعربياً وإسلامياً، ويؤمن بقيم السلام والتعاون مع كافة شعوب الأرض"، أما عن أهداف حزب الغد على المستوى المحلي اهمها هو "أن تصل مصر بحلول عام 2020 لتصبح من الدول المتقدمة اقتصادياً، ويتمتع المواطن المصري بنفس مستوى المعيشة وجودة الحياة التي تماثل تلك الموجودة في الدول المتقدمة"، وأيضاً "تحسين معدلات توزيع الدخل بين أفراد وطوائف وفئات الشعب، وبين المدن الكبرى وباقي أجزاء الوطن" وكذلك "تحقيق التكافل الاجتماعي وتخفيض نسبة من هم تحت خط الفقر" وأيضاً هدف في غاية الأهمية " احترام آدمية الإنسان وحقوقـه الأصيلة" أما أهم هدف يهم غالبية الشعب المصري فهو " محاربة الفقر ، والتهميش ، والاقصاء، من خلال سياسة تهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية"، أما على مستوى الأهداف السياسية فهذه بعض أهم الأهداف في برنامج حزب الغد "حكم الشعب لنفسه عن طريق انتخابات حرة مباشرة" وأيضاً "حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف" وأيضاً "الوصول لنسب متوازنة بين تمثيل الحزب الحاكم وتمثيل المعارضة في مجلس الشعب"، طبعاً كانت هذه نبذة مختصرة لبعض أهم الأهداف التي يحتويها برنامج الحزب الذي يتضمن أهدافا هامة أخرى على جميع المستويات محلياً أو عالمياً سواء كانت أهداف إجتماعية أو إقتصادية أو سياسية أو حضارية أو علمية أو على مستوى الأمن القومي.

حسام السعيد عامر

Share شارك المقال مع أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...