Eagle Eye نظام كمبيوتر عملاق يلقن الرئيس الأمريكي درساً في القيم والأخلاق

رغم أن حبكة فيلم "عين النسر" الرئيسية تناقش قضية التحكم في مصائر البشر، والتجسس على حياتهم الخاصة، إلا إنه يختلف تماماً في معالجته لهذه الحبكة عن رواية "1984" للكاتب جورج أورويل، تلك الرواية الكلاسيكية الخيالية التي تحكي عن منظومة ديكتاتورية، تطلق على نفسها إسم "الأخ الأكبر"، تتحكم تلك المنظومة بمصائر المواطنين، تحت زعم الدفاع عن الوطن، وتمارس التعذيب، والقمع، وتزوير التاريخ والحاضر، وتدلس على الناس بشتى الوسائل، وتراقب المواطنين طوال الوقت، وفي كل مكان، وتنتهك خصوصيات الناس حتى داخل حجرات النوم.

 

Eagle Eye نظام كمبيوتر عملاق يلقن الرئيس الأمريكي درساً في القيم والأخلاق











بينما بنيت الحبكة الدرامية الأساسية لفيلم "Eagle Eye"، على فكرة قد تبدو للبعض خيالية، لكنها قريبة جداً من الواقع الحالي، حيث أصبحت المنظومة الأمنية الأمريكية تتحكم في كل كبيرة وصغيرة في أمريكا، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م.

 الفيلم المثير الذي أخرجه D.J. Caruso تدور الأحداث فيه، عقب قيام الحكومة الأمريكية بإنشاء منظومة تجسس إلكتروني عملاقة، تسمى "Eagle Eye"، وظيفتها التجسس على السكان بتوثيق وتصوير وتسجيل كل ما يفعلونه، سواء في الشارع أو في البيت أو في العمل، وحتى مكالماتهم الهاتفية ورسائل الهواتف الخلوية القصيرة، وأيضاً تراقب كل شئ على الإنترنت، بداية من رسائل البريد الإلكتروني وانتهاءً ببرامج الدردشة والمنتديات والمدونات، وتسيطر على كاميرات وأنظمة التحكم في المرور، وكاميرات المراقبة الأمنية في الشوارع، وعلى ماكينات سحب الأموال ATM 

 بالإضافة لما سبق نرى في الفيلم ان الحكومة الأمريكية تتحكم في كل ماهو إلكتروني، مثل التحكم في قطارات مترو الأنفاق، وأنظمة الإنذار ضد الحرائق الخ الخ..

 

وتتغلغل المنظومة الأمنية بشكل متشعب في كل مكان، حيث تقوم بتحليل تصرفات وأقوال البشر، وكتابة تقرير عن كل إنسان، لكن ليست هذه هي كل القصة التي ألفها Dan McDermott وكتب لها السيناريو أيضاً بالمشاركة مع ثلاث كتاب آخرين هم John Glenn و Travis Wrightو Hillary Seitz.

 تبدأ أحداث الفيلم بأن يرصد جواسيس أمريكا موكب سيارات في صحراء إحدى الدول العربية، وبه أحد القادة المطلوبين، ويتم إرسال طائرة تجسس صغيرة جداً لتتبع القائد المطلوب، وتصويره للتأكد من هويته، وكذلك يتم عمل مسح بإستخدام الأقمار الصناعية للهواتف النقالة في المنطقة التي يسير بها الموكب، وتسجيل الحوار الدائر داخل السيارات التي يجلس القائد المطلوب بأحدها.

 وتقوم منظومة التجسس Eagle Eye بتأكيد تطابق صوت أحد الأشخاص في الموكب، مع صوت القائد المطلوب بنسبة 37% وهي نسبة ضئيلة كما ترى، ثم توصي المنظومة بإلغاء المهمة وعدم القصف بسبب توقف ركب السيارات داخل إحدى القرى للمشاركة في جنازة.

 ويحدث خلاف في الرأي بين سكرتير وزارة الدفاع وقائد الأركان، داخل غرفة العمليات، ويتصل القادة بالرئيس الأمريكي ويطلعونه على أن أعلى نسبة تطابق وصلت إليها تحاليل تطابق الصوت في منظومة التجسس هي 51% وأن الهدف المطلوب تصفيته متواجد مع مدنيين في جنازة، ويخبر القادة الرئيس بأن منظومة التجسس Eagle Eye توصي بإلغاء المهمة، لعدم وجود تهديد حقيقي للمصالح الأمريكية، لكن الرئيس الأمريكي يتجاهل كل هذه الحقائق، ويصر على تنفيذ المهمة بحجة حماية المواطنين الأمريكيين.

 وبالطبع تحدث مذبحة، يسقط خلالها أعداد هائلة من المدنيين، أثناء مراسم دفن المتوفي، بعد هذا تقرر المنظومة الأمنية Eagle Eye إعادة تقييم النظام السياسي الأمريكي، خاصة بعدما تبين عدم وجود القائد المطلوب قتله، ضمن ضحايا القصف.

  وتدين منظومة عين النسر الرئيس الأمريكي وحكومته، ثم تقرر أن تستخدم كل إمكانياتها في تجنيد إثنان من مواطني الولايات المتحدة الأمريكية، وإجبارهم بطرق جهنمية على تنفيذ مخطط غاية في الدقة والإحكام، للتخلص من الرئيس الأمريكي ونائبه، والوزراء ورئيس أركان الجيش وبعض القادة العسكريين.

 وتستند منظومة Eagle Eye على نصوص وثيقة إعلان إستقلال الولايات المتحدة، التي تنص على إنه "إذا أصبحت أي حكومة فاسدة لدرجة أن تتخلى عن الإلتزام بالقوانين فمن الواجب على الشعب السعي لتغيير هذه الحكومة الفاسدة بكل الطرق الممكنة".

 في الثلث الأول من الفيلم تسير الأحداث بإيقاع هادئ نوعاً ما، ثم بعد ذلك تتلاحق الأحداث بسرعة رهيبة، وبشكل متقن ومحبوك لأقصى درجة، وقد نجح المخرج D.J. Carusoفي تنفيذ مشاهد المطاردات بإسلوب سردي مثير وأخاذ، وبإيقاع متدفق وحيوي، وخاصة مشهد مطاردة السيارات، الذي إستمر أكثر من أربعة دقائق.

 نجح الفيلم في تصدر إيرادات الأفلام الأمريكية في الـ Box Office، ربما لإعجاب الجماهير الشديد بالرسالتان الرئيسيتان التي يتضمنهما الفيلم.

 الرسالة الأولى هي أن الآله قد تكون أكثر أخلاقاً من بعض البشر الذين يضعون القواعد والقوانين والقيم، ثم يتجاهلوا تطبيقها، ومن ثم فهم يستحقون أن يلقنوا على أيدي الآلة درساً قاسياً.

 الرسالة الثانية هي أنه في بعض الأحيان، تتخذً إجراءات لحماية حرية البشر، وبنفس الوقت قد تكون هي ذاتها أكبر تهديد للحرية .

 

Eagle Eye نظام كمبيوتر عملاق يلقن الرئيس الأمريكي درساً في القيم والأخلاق

 

 

 

 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

زبدة القول، فيلم Eagle Eye يتضمن رسالة أخلاقية وفلسفية في غاية الأهمية.

حسام السعيد عامر


 

Share شارك المقال مع أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Recent Posts

سينما

مشاركة مميزة

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟، هل نظرية المؤامرة حقيقة؟

من الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات؟  هل نظرية المؤامرة حقيقة؟ سؤال ربما لم يخطر على بال أغلب المصريين، لأن كلنا نعلم ان من قتل السادات ه...